فصل [إضمار حروف الجر]

قال صاحب الكتاب: وتضمر قليلاً. ومما جاء من ذلك إضمار "رُبَّ" والباء في القسم, وفي قول رؤبة: "خيرٍ" إذا قيل له: "كيف أصبحت", واللام في "لاه أبوك".

* * *

قال الشارح: قد تقدّم القول على حروف الجرّ، وأنّها قد تحذف في اللفظ اختصارًا واستخفافًا إذا كان في اللفظ ما يدلّ عليها، فتجري لقوّة الدلالة عليها مجرى الثابت الملفوظ به، وتكون مرادة في المحذوف منه. وذلك لا يُبْنَى الاسم المحذوف منه، وهي في ذلك على ضربين: أحدهما: ما يحذفُ ثمّ يوصَل الفعل إلى الاسم، فينصبه كالظروف إذا قلت: "قمت اليومَ"، وأنت تريد: "في اليوم"، ونحوُ: "اخترتُ الرجالَ زيدًا"، و"استغفرت اللهَ ذنبي" ونظائره. والثاني: ما يحذف ولا يوصل الفعل، فيكون الحرف المحذوف كالمُثْبَت في اللفظ، فيجرّون به الاسم، كما يجرّون به وهو مثبتٌ ملفوظٌ به. وهو نظير حذف المضاف وتبقيةِ عمله، نحوِ: "ما كل سَوْداءَ تَمْرَةً ولا بَيْضاءَ شَحْمَةً" (?)، وكقوله [من المتقارب]:

أكُلَّ أمرىءٍ تَحْسِبِينَ امْرَأً ... ونارٍ تَوَقدُ بالليل نارَا (?)

على إرادة "كلّ". ومن ذلك قول الآخر [من الخفيف]:

رَسْمِ دارٍ وقفتُ في طَلَلِهْ ... كِدْتُ أقْضِي الحياةَ من جَلَلِهْ (?)

أراد: "رُبَّ رسم دار"، ثمّ حذف لكثرة استعمالها، ومن ذلك قوله [من الرجز]:

1097 - وَبَلَد مالُه مُؤَزَّرٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015