لرَبْط اسم باسم، وهو معنى العطف، نحوَ قولك: "جاء زيدٌ وعمروٌ". الثاني: أن يدخل لربط فعل بفعل، نحوَ: "قام زيدٌ وقعد". الثالث: أن يدخل لربط فعل باسم، نحو قولك: "نظرتُ إلى زيد"، و"انصرفت عن جعفر"، وهو معنى التعدية. الرابع: أن يدخل لربط جملة بجملة، نحو قولك: "إن تُعْطِنِي أشْكُرْك"، وكان الأصل: "تُعْطِينِي أشْكُرُك"، وليس بين الفعلَيْن اتصالٌ، ولا تعلّقٌ، فلمّا دخلت "إنْ" علّقتْ إِحدى الجملتين بالأُخرى، وجعلتِ الأوُلى شرطًا والثانية جزاءً.
وأما الضرب الثالث: وهو أن يدخل زائدًا لضرب من التأكيد، نحوُ قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} (?)، ونحو قوله: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ} (?). ألا ترى أنّ "ما" لو كان لها موضعٌ من الإعراب، لَمَا تَخطّاها الباءُ، وعمِل فيما بعدها، وكذلك "لا" من قولهم: "ما قام زيدٌ ولا عمروٌ"، والواو هي العاطفة، و"لا"، لَغْوٌ كأنهم شبّهوها بـ "ما"، فزادوها. ومن ذلك "إن" الخفيفة المكسورة، في نحو قوله [من الوافر]:
فما إنْ طِبُّنا جُبُنٌ [ولكِنْ ... مَنايانا ودَوْلةُ آخرينا] (?)
والمراد: "فما طبنا". وكذلك المفتوحة في نحو قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ} (?). فهذه الحروف ونحوها لا موضع لها من الإعراب، ولا معنى لها سوى التأكيد.
* * *
قال صاحب الكتاب: إلا في مواضع مخصوصة حذف فيها الفعل واقتصر على الحرف فجرى مجرى النائب، نحو قولك: "نعم" و"بلى" و"إي" و"إنه" و"يا" و"زيد" و"قد" في قوله [من الكامل]
1064 - [أرف الترحل غير أن ركابنا ... لما تزل برحالنا] وكأن قد
* * *