وقد ذهب الفراء إلى أنّ "حَبَّ" أصله "حَبُبَ" على وزن "فَعُلَ" مضمومَ العين كَـ "كرُمَ"، واستدلّ بقولهم: "حَبِيبٌ"، و"فَعِيلٌ"، بابُه (?) "فَعُلَ" كـ "ظريف" من "ظُرف"، و"كريم"، من "كرُم". والصواب ما ذكرناه؛ لأنه قد جاء متعدّيًا، و"فَعُلَ" لا يكون متعدّيًا. فأمّا قولهم: "حَبِيبٌ"، فلا دليلَ فيه, لأنه هنا مفعول، فـ "حبيبٌ" و"محبوبٌ" وا حد، فهو كـ "جريح" و"قتيل"، بمعنى "مجروح"، و"مقتول". و"حبيب" مِن "حبّ" إذا اْريد به المدح فاعلٌ كـ "ظريفٍ"، و"حبّ" فعل متصرّف، لقوله منه: "حَبَّهُ يَحِبّه" بالكسر. وهو من الشاذّ؛ لأن "فَعَلَ" إذا كان مضاعفًا متعدّيًا، فمضارعُه "يفعُل" بالضمّ، نحوُ: "رَدَّه يَرُدّه"، و"شَدَّه يشُدّه". وقالوا في المفعول: "محبوبٌ"، وقيل "حابٌّ" وكثُر "مُحِبٌّ" في اسم الفاعل، وقيل "مُحَبٌّ" (?).
ولمّا نُقل إلى "فَعُلَ" لأجل المدح والمبالغة كما قالوا: "قَضوَ الرجلُ"، و"رَمو" إذا حذق القضاء , وأجاد الرمي, منع التصرف؛ لمضارعته بما فيه من المبالغة والمدح باب التعجب. و"نعم", و"بئس", و"حبّذا", لزم طريقة واحدة, وهو لفظ الماضي.
وفاعله "ذَا"، وهو من أسماء الإشارة يستعمل هنا مجرّدًا من حرف التنبيه؛ وذلك لأنهم لما ركبوا الفعل والفاعل، وجعلوهما شيئًا واحدًا، لم يأتوا بحرف التنبيه؛ لئلّا تفسير ثلاثة أشياء بمنزلة شيء واحد، وليس ذلك من كلامهم، وجعلوا ذلك الاسم مفردًا مذكّرًا إذ كان المفرد أخفَّ، والمذكر قبل المؤنّث، فهو كالأصل له، فلذلك تقول: