قال الشارح: أمّا ما في أوّله منها حرفُ نفي، نحوُ: "ما زال"، و"ما بَرِحَ"، و"ما انفكُّ"، و"ما فَتِىءَ"، فهي أيضًا كأخواتها تدخل على المبتدا والخبر، فترفع المبتدأ، وتنصب الخبرَ، كما أنّ "كانَ" كذلك، فيقال: "ما زال زيدٌ يفعل". قال الله تعالى: {فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ} (?). وكذلك أخواتها. ومعناها على الإيجاب، وإن كان في أوّلها حرفُ النفي. وذلك أن هذه الأفعال معناها النفي، فـ "زال"، و"برح"، و"انفكّ"، و"فتىء" كلُها معناها خلاف الثبات. ألا ترى أن معنَى "زال": "برح"؟ فإذا دخل حرفُ النفي، نُفي البَراح، فعاد إلى الثبات وخلافِ الزَّوال. فإذا قلت: "ما زال زيدٌ قائمًا"، فهو كلامٌ معناه الإثبات، أي: هو قائمٌ، وقيامُه استمرّ فيما مضى من الزمان، فهو كلامٌ معناه الإثبات، ولهذا المعني لم تدخل إلّا على الخبر، فلا يجوز: "لم يزل زيد إلّا قائمًا"، كما لم يجز: "ثبت زيدٌ إلّا قائمًا"؛ لأنّ معنَى "ما زال": ثبت. فأما قول ذي الرُّمّة [من الطويل]:

حَراجِيجُ مَا تَنْفَكُّ إلا مُناخةً ... على الخَسْفِ أو نَرْمِي بها بَلَدًا قَفرَا

فإن الأصمعي والجَرْمي قالا: أخطأ ذو الرُّمّة، ووجهُ تَخطِئته أن يكون "مناخة" الخبر، وتكون "إلّا" داخلةً عليه، وذلك خطأٌ على ما تقدّم. قال المازنيّ: "إلّا" فيه زائدة، والمراد: ما تنفكّ مناخة. وقيل: الخبر: "عَلَى الخسف"، و"مناخةً" حالٌ. والمراد: ما تنفكّ على الخسف إلّا مناخةً، فما تكون "إلّا" قد دخلت على الخبر. وقيل:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015