ومن كلام العرب: "ولدت فاطمة بنت الخرشب الكلمة من بني عبس لم يوجد كان مثلهم". والتي فيها ضمير الشأن.
* * *
قال الشارح: الوجه الثالث من وجوه "كانَ": أن تكون زائدة؛ دخولُها كخروجها، لا عملَ لها في اسم ولا خبرٍ. وذهب السيرافيُّ إلى أن معنى قولنا: "زائدة" أن لا يكون لها اسمٌ ولا خبرٌ، ولا هي لوقوعِ شيء مذكور، ولكنّها دالّةٌ على الزمان، وفاعلُها مصدرها، وشبّهها بـ "ظننت" إذا أُلغيت، نحوَ قولك: "زيدٌ ظننتُ منطلقٌ"، فالظن مُلْغى هنا لم تُعْمِلها، ومع ذلك فقد أخرجتِ الكلام من اليقين إلى الشكّ، كأنّك قلت: "زيدٌ منطلقٌ في ظنّي".
والذي أراه الأوّلُ، وإليه كان يذهب ابن السَّرّاج. قال في أُصوله: وحقُّ الزائد أن لا يكون عاملًا، ولا معمولًا، ولا يُحْدِث معنَى سوى التأكيد. ويؤيّد ذلك قول الأئمة في قوله سبحانه وتعالى: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} (?): إنّ: "كَانَ" في الآية زائدة، وليست الناقصة، إذ لو كانت الناقصة، لأفادت الزمانَ. ولو أفادت الزمان، لم يكن لعيسى عليه السَّلام في ذلك مُعْجِزةٌ؛ لأنّ الناس كلّهم في ذلك سواءٌ. فلو كانت الزائدةُ تفيد معنى الزمان، لكانت كالناقصة، ولم يكن للعُدول إلى جعلها زائدةٌ فائدةٌ.
فمن مواضع زيادتها قولهم: "إنّ من أفضلهم كان زيدًا"، والمراد: إنّ من أفضلهم زيدًا. و"كانَ" مزيدة لضربٍ من التأكيد إذ المعنى أنَّه في الحال أفضلهم، وليس المراد: