فقد حمله بعضهم على الشذوذ من إقامة المصدر مقام الفاعل مع وجود المفعول به، وهو "الكلاب"، وقد تأوله بعضُهم بأن جعل "الكلاب" منصوبًا بـ"ولدت"، ونصب "جرو كلب" على النداء. وحينئذ يخلو الفعل من مفعول به، فحسن إقامة المصدر مقام الفاعل، ويكون التقدير: فلو ولدت فقيرةُ الكلاب، يا جروَ كلبٍ، لَسُب السب بذلك.

* * *

قال صاحب الكتاب: ولكن إن قصدت الاقتصار على ذكر المدفوع إليه, والمبلوغ به, قلت: "دُفع إلى زيد" و"بُلغ بعطائك"، وكذلك لا تقول: "ضُرب زيداً ضربٌ شديدٌ, ولا يوم الجمعة, ولا أمام الأمير", بل ترفعه (?) وتنصبها.

* * *

قال الشارح: يريد أن الفعل المتعدّي إلى مفعول أو أكثرَ، إذا كان معه جارّ ومجرور، جاز أن تقتصر على المجرور، ولا تذكر المفعول الصحيح، نحوَ قولك: "دَفَعَ عمرٌو إلى زيد"، فإذا بنيته لما لم يسمّ فاعله، جاز أن تقيم الجارّ والمجرور مقام الفاعل، نحوَ قولك. "دُفع إلى زيد"، و"بُلغ بعطائك"، وكذلك لو كان معك ظرفٌ أو مصدرٌ، جاز أن تقيم كل واحد منهما مقام الفاعل، نحوَ: "ضُرب اليومُ"، و"ضُرب الضربُ الشديدُ"؛ لأنْك إذا لم تذكر المفعول، كان بمنزلة الفعل اللازم.

* * *

قال صاحب الكتاب: وأما سائر المفاعيل فمستوية الأقدام لا تفاضل بينها إذا اجتمعت في الكلام في أن البناء لأيها شئت صحيح غير ممتنع, تقول استخف بزيد استخفافاً شديداً يوم الجمعة أمام الأمير إن أسندت إلى الجار مع المجرور، ولك أن تسند إلى يوم الجمعة أو إلى غيره وتترك ما عداه منصوباً.

* * *

قال الشارح: يريد أن ما عدا المفعول به ممّا ذكرنا من الجارّ والمجرور، والمصدر، والظرف من الزمان، والظرف من المكان، متساويةٌ في جواز إقامة أيها شئت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015