مقام الفاعل، لم يجز، وكنت قد خرجت عن كلام العرب. والغرضُ بالنحو أن ينحو المتكلّمُ به كلامَ العرب.

وسبيلُ ما يجيء من ذلك أن يُتأول، ويحمل على الشذوذ، فمن ذلك قوله تعالى في قراءة أبي جعفر يزيد بن القَعْقاع: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} (?)، فليس على إقامة الجارّ والمجرور مقام الفاعل ونصبِ "الكتاب" على أنه مفعول به، وإنما الذي أُقيم مقام الفاعل مفعول به مضمر في الفعل يعود على "الطائر" في قوله: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} (?). و"كتاب" منصوب على الحال، والتقديرُ: ويُخْرَج له يومَ القيامة طائرُهُ - أي: عملُه- كتابًا، أي: مكتوبًا، وهو محذوف في قراءة الجماعة، ونُخْرِجُ له يومَ القيامة كتابًا، أي: ونخرج له طائرَه -أي: عملَه- كتابًا، ويؤيد ذلك قراءةُ يعقوب (?): "ويَخرُجُ -أي: يخرج عملُه- كتابًا". فأما قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (?)، ففيه إشكالٌ، وذلك أنه أقام المصدر مقام الفاعل لدلالة الفعل عليه، وتقديره: ليجزى الجزاءُ قومًا بما كانوا يكسبون، وهو شاذ قليل.

فأما قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} (?)، فقال قوم: إنه كالآية المتقدّمة، والتقدير: نجّي النجاءُ المؤمنين، والصواب أن يكون "نجى" فعلاً مضارعًا، والأصل "نُنْجِي" بنونَيْن، فأُخفيت النون الثانية عند الجيم، فظنّها قومٌ إذعامًا، وليس به، ويؤيّد ذلك إسكانُ الياء. وأما قول الشاعر [من الوافر]:

1000 - فلو ولدت قُفيرةُ (?) جِرْوَ كَلْب ... لَسُبّ بذلك الجِرْوِالكِلابَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015