والوجه الثاني: أنَّ "أن" المخفّفة أشبهت "أنّ" الثقيلة من وجهين: من جهة اللفظ، ومن جهة المعنى على ما تقدّم. وأمّا "مَا" فإنّها أشبهت من جهة واحدة، وهي كونها مع ما بعدها مصدرًا كما أنَّ تلك كذلك، فلم تستحقّ العملَ من جهة واحدة، على أنّ من العرب من يُلْغِي عمل "أنَّ" تشبيهًا بـ"مَا"، وعلى هذا قرأ بعضهم: {أنّ يُتِمُّ الرَّضَاعَةَ} (?) بالرفع. ومنه قوله [من البسيط]:

961 - أنَّ تَقْرَآنِ على أسْماءَ وَيْحَكُما ... مني السَّلامَ وأن لا تُشْعِرَا أحدَا

والذي يُلْغِي "أن" عن العمل لمشابهةِ "مَا"، فإنّه لا يُعْمِل "ما" لمشابهة "أن"، لعدم اختصاصها، فاعرفه.

وأمّا "لَنْ" فحرف ناصب عند سيبويه (?)، وهو نقيض "سوف"، وذلك أن القائل إذا قال: "سوف يقوم زيد"؛ فنفيُ هذا "لن يقومَ زيد". ويجوز أن يتقدّم عليها ما عملتْ فيه من الفعل المنصوب، نحوَ قولك: "زيدًا لن أضربَ" بخلافِ "أن", لأن "أن" وما بعدها مصدر، فلا يتقدّم عليه ما كان في حيّزه، وليس كذلك "لن"، لأنها إنما تنصب لشَبَهها بـ"أنْ". ووجهُ الشبه بينهما اختصاصها بالأفعال ونَقْلها إيّاها إلى المستقبل كما كانت "أن" كذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015