قال الشارح: اعلم أن سيبويه يجيز بناء "أَفْعَل" من كل فعل ثلاثي قياسًا، نحو: "ما أكرم زيدًا! " من "كرُم" و"ما أضربَ محمّدًا! " من "ضرب"، و"ما أعلم جعفرًا! " من "علم". وبعضهم يجيزه أيضًا ممّا كان من "أفْعَلَ"، وهو مذهب سيبويه، وذلك قولهم: "هو أعطاهم للدينار والدرهم، وأولاهم للمعروف"، و"أنت أكرمُ لي من زيد"، أي: أشدّ إكرامًا، و"المكانُ أقفرُ من غيره"، إنّما هو من "أَقْفَرَ". ومن ذلك المَثَل السائر: "هو أفلس من ابن المُذَلَّق"، وهو رجل من بني عبد شَمس فقيرٌ مُدْقِعٌ ما كان يحصل على بيت ليلةً، وآباؤه وأجداده كذلك، قال الشاعر [من الطويل]:

919 - فإنّك إذ تَرْجو تَمِيمًا ونَصْرَها ... كراجِي النَّدَى والعُرْفِ عند المُذَلَّقِ

ومنه المثل الآخر: "أحمق من هَبَنَّقَةَ". وهبنّقةُ: لقب ذي الوَدَعات، واسمه يزيد بن ثَرْوانَ بن قَيْس بن ثَعْلَبَةَ، وكان يُضرَب به المثل في الحُمْق. قال الشاعر [من الخفيف]:

920 - عِشْ بجَدٍّ وكُنْ هَبَنَّقَةَ القَيْـ ... ـسيَّ أو مثلَ شَيْبَةَ بن الوَلِيدِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015