"اسْوَادَّ"، و"اسْوَدَّ"، و"اعوارّ"، و"اعورّ"، وأما "حَوِلَ"، و"عَوِرَ"، و"صَيِدَ البعيرُ" فمنقوصاتٌ من "احوالَّ"، و"اعوارّ"، فهي في الحكم زائدة على الثلاثة يدلّ على ذلك صحة الواو والياء فيها. ولولا ملاحَظةُ الأصل، لقلت: "عار"، و"حال"، و"صاد". ألا ترى أن في هذه الأفعال ما في "خاف"، و"هاب"، ونحوهما من مُوجِب القلب والإعلال. فعلى هذا لا تقول مِن "أجابَ"، و"انطلق": "هذا أَجْوَبُ من هذا"، ولا "أطلقُ منه"؛ لأن فعلَيْهما زائدان على الثلاثة، ألا ترى أن الهمزة في أوّلِ "أجاب" زائدة، والهمزة والنون من "انطلق" زائدتان. فإذا أردت التفضيل من ذلك أو التعجّب، جئت بفعل ثلاثي يفيد شدّة ذلك الأمر وثباتَه، وتنصب مصادِر تلك الأفعال المقصودة بالتفضيل أو التعجّبِ بوقوع تلك الأفعال عليها، وذلك نحو: "هذا أسرعُ انطلاقًا من غيره، وأجودُ جوابًا"، وهذا معنى قوله: "يُتوصّل إلى التفضيل بأن يصاغ أفعل ممّا يصاغ منه"، أي من الأفعال الثلاثية، "ثمّ تُميِّز بمصادرها"، أي: تُبيِّن المعنى المراد تفضيله، فتقول من الإكرام: "هو أشد إكرامًا"، ومن الكَرَم: "هو أكرمُ ". وكذلك تقول: "هو أشد سُمْرَةَ منه"، ولا تقول: "هو أسمرُ من فلان"، إلا إذا أردت معنى المُسامرة، "وهو أقبح عَوَرًا"، ولا تقول: "هو أعورُ من هذا"، وكذلك الألوان، لا تقول: "هو أحمر من هذا"، وأنت تريد الحمرة، فإن أردت معنى البَلادة، جاز، ولا تقول "هو أبيضُ من البياض"، فإن وصفتَ طائرًا بكثرة البَيْض، جاز، وعلى ذلك فقِسْ.

فصل [ما شذّ منه]

قال صاحب الكتاب: ومما شذ من ذلك: "هو أعطاهم للدينار والدرهم، وأولاهم للمعروف"، و"أنت أكرم لي من زيد", أي أشد إكراماً، و"هذا المكان أقفر من غيره" أي: أشد إقفاراً، و"هذا الكلام أخصر", وفي أمثالهم "أفلس من ابن المذلَّق" (?) , و"أحمق من هبنَّقة" (?).

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015