وقال الآخر [من الطويل]:
852 - ثلاثُ مِئِينَ قد مَرَرْنَ كَوامِلًا ... وهَا أَنَا هذا أَشْتَهِي مَرَّ أَرْبَعِ
وهذا- وإن كان القياسَ- إلَّا أنّه شاذ في الاستعمال، وقد يجوز قطعُه عن الإضافة وتنوينُه، ويجوز حينئذ في التفسير وجهان: أحدهما الإتباع على البدل، نحو: "ثلاثةٌ أثوابٌ"، والنصبُ على التمييز، نحو: "ثلاثةٌ أثوابًا". وهو من قبيل ضرورة الشعر. فأمّا قوله [من الوافر]:
إذا عاش الفتى مائتَيْن عامًا ... إلخ
فالشاهد فيه إثباتُ النون في "مائتين" ضرورةً، ونصبُ ما بعدها على التمييز، وهو "عام"، شبّهه بـ"عشرين"، و"ثلاثين"، وكان الوجه حذفَها، وخفضَ ما بعدها، والبيت للرَّبيع بن ضبع الفَزاريّ، والمعنى أنّه يصف هَرَمَه وذَهابَ لَذّاته، وكان نَيَّفَ على المائتين، ويروى: "تسعين عامًا"، فعلى هذا لا يكون فيه شاهدٌ. ومثله قوله [من الرجز]:
853 - أَنْعَتُ عَيْرًا من حَمِيرِ خَنْزَرَهْ ... في كلّ عَيْرٍ مائتانِ كَمَرَهْ