وقوله عز من قائل: {ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} (?) على البدل، وكذلك قوله عز وجل: {اثنتي عشرة أسباطاً} (?). قال أبو إسحاق: ولو انتصب "سنين" على التمييز؛ لوجب أن يكونوا قد لبثوا تسعمائة سنة.

* * *

قال الشارح: القياس في "ثلاثمائَةٍ"، و"أربعمائة" إلى "تسعمائة" أن تُجمَع "المائة"، فيقال: "ثلاثُ مِئِينَ"، أو"ثلاثُ مئاتِ", لأنّ العدد من "الثلاثة" إلى "العشرة" يضاف إلى الجمع، نحو: "ثلاثة أقْفِزَةٍ، وأربعة دراهم". وقولُه: "وممّا شذّ عن ذلك قولهم: ثلاثمائة" يريد أنَّه شذّ عن القياس، وأمّا من جهة الاستعمال، فكثيرٌ مطّردٌ. قال سيبويه (?): شبّهوه بـ"عشرين"، و"أحدَ عشرَ"، يريد أنّهم يبيّنونه بواحد كما بيّنوا "عشرين"، و"أحد عشر" بواحد لِما بينهما من المشابهة والمناسبة، وذلك أنّك إذا قلت: "ثلاثين"، و"أربعين" إلى "التسعين"؛ صرت إلى عَقْدٍ ليس لفظُه من لفظ قبله، فكذلك "ثلاثمائة"، و"سبعمائة" إذا جاوزت "تسعمائة"، صرت إلى عقد يخالف لفظه لفظ ما قبله، وهو قولك: "ألْفٌ"، فلا تقول: "عشر مائة"، فأشبهت "ثلاثمائة" "العشرين"، فبُيّنت بالواحد، وأشبهت "الثلاثَ" في الآحاد، فجُعل بيانها بالإضافة. ويدل على صحةِ هذا أنّهم يقولون: "ثلاثة آلافِ درهمٍ"، فيضيفون "الثلاث" إلى الجمع؛ لأنّهم يقولون: "عشرة آلافٍ"، فلمّا كان "عشرةٌ" على منهاج "ثلاثة"، أجروه مجرى "ثلاثةِ أثواب"؛ لأنّك تقول: "عشرة أثواب". قال سيبويه (?): وليس بمستنكر في كلامهم أن يكون اللفظ واحدًا، والمعنى جمعًا. وهذا إنّما يكون عند عدم اللبس. وعليه قوله، أنشده سبيويه [من الوافر]:

كُلُوا في بعضِ بَطْنكم ... إلخ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015