الجمع، كما خصّوا بـ "فَعْلَى" ما كان به آفَةٌ من نحوٍ: "قَتْلَى"، و"مَرْضَى"، ولا يُجمع عليه إلّا ما أصابته بليّةٌ، نحوُ: "جَرِيحٍ"، و"جَرْحَى"، و"زَمِينٍ"، و"زَمْنَى".
والوجه الآخر: أن يكون منتقصًا من "فُعالٍ"، و"فُعَالٌ" يُجمع في الكثرة على "فِعلان"، نحو: "غُرابٍ" و"غِرْبان"، و"عُقاب" و"عِقْبانِ". وممّا يؤيّد ذلك أنّ "فُعَلًا" لا يكاد [يأتي] إلا مغيرًا من غيره، نحوَ: "عُمَرَ"، و"زُفَرَ" عَدْلًا من "عامِرٍ"، و"زافِرٍ"، و"فُسَقَ"، و"خُبَثَ"، والمراد: فاسِقٌ وخَبِيثٌ. فلمّا كان قد تَغيَّر عن "فاعِلٍ"، و"فَعِيلٍ"، كان تغييرُه عن "فُعالٍ" أوْلى؛ لأنّه ليس بين البناءَيْن إلا طرحُ الألف، فهو أقربُ إليه.
واعلم أنّ الاسم الثلاثي لكثرته وسعةِ استعماله، كثُرت أبنيةُ تكسيره، وكثُر اختلافها، حتى لا يكاد يخلو بناءٌ منها من الشذوذ، والقياسُ ما تقدّم ذكُره. والمرادُ بقولنا أنّه القياسُ أنّه لو ورد اسمٌ، ولم يُعرف كيف جمعُه، لكان القياسُ أن يُجمع على المنهاج المذكور، فعلى هذا لو سمّيتَ بالمصدر من نحوِ: "ضَرْبٍ"، و"قَتْل"، لكان القياس في جمعه أن تقول في القلّة: "أضْرُبٌ" و"أقْتُلٌ"، قياسًا على "أْفْلُسٍ" و"أكْعُبٍ"، وفي الكثير: "ضُرُوبٌ" أو"ضِرابٌ"، و"قُتُولٌ" أو "قِتالٌ"، قِياسًا على "فُلُوسٍ" و"كِعابٍ".
ولا بدّ من ذكرِ ما شذّ من ذلك ليُعلم؛ حتّى لو اضطُرّ شاعرٌ أو ساجعٌ إلى مثله، لم يكن مُخْطِئًا؛ لأنّه استند إلى أصلٍ من استعمالهم. فمن الشاذّ تكسيرُهم "فَعْلًا" في القلّة على "أفْعالٍ" (?)، والقياس "أفْعُلٌ" على ما تقدّم، قالوا: "رَأْدٌ"، و"أرْآدٌ"، و"الرَّأدُ": أصل اللَّحْيَيْن، وقالوا: "زَنْدٌ"، و"أزْنادٌ"، و"الزَّنْدُ": العُود الذي يُقدَح به النار، وهو الأعلى، والزَّنْدَةُ السُّفْلى فيها ثَقْبٌ، وهي الأُنثى، فإذا اجتمعا قيل: "زَنْدانِ"، ولم: يُقَل: "زندتان". وقالوا: "فَرْخٌ" و"أفْراخٌ"، و"أنْفٌ" و"آنافٌ".
جمعوا هذه الأسماءَ على "أفْعالٍ" حَمْلًا لها على ما هي في معناه، وذلك أنّ "رَأدًا"