فيما كان في معناها من الأعداد، نحو: "عشرين"، و"ثلاثين" ونحوهما من الأعداد المنوّنة. والفصلُ بينهما أنّ "كم" كانت مستحِقّةً للتمكّن في الأصل بحكمِ الاسميّة، ثمّ مُنعتْه بما أوجب البناء لها، فصار الفصلُ، واستحسانُ جوازه كالعوض ممّا مُنعتْه من التمكّن مع كثرة استعمالها في كلامهم.

فإن قيل: فهلّا كان الفصلُ بين "خمسة عشر" ومميِّزها إلى "تسعة عشر" حسنًا أيضًا؛ لأنّها مُنعت التمكّنَ بعد استحقاقه. قيل: قد جعلنا كثرة الاستعمال أحدَ وصفَي العلّةِ، ولم يوجَد في "خمسة عشر" وبابه.

فإن قيل: فِلمَ قُبح الفصلُ بين العدد ومميِّزه، ولم يحسن: "قبضتُ خمسةَ عشرَ لك درهمًا"، و"رأيت عشرين في المسجد رجلاً"؟ قيل: إنّما كان كذلك لضُعْفِ عملِ "العشرين" ونحوها فيما بعدها؛ لأنّها عملت على التشبيه باسم الفاعل، ولم تَقْوَ قوّتَه مع أنّه قد جاء ذلك في الشعر. قال الشاعر [من المتقارب]:

671 - على أنّني بَعْدَ ما قد مَضَى ... ثلاثون للهَجْرِ حَوْلاً كَمِيلا

وأنشد سيبوبه لعبد بني الحَسْحاس [من الطويل]:

672 - فأَشْهَدُ عند اللَّهِ أن قد رأيتُها ... وعشرون منها إصْبَعًا من وَرائِيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015