. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

لا يقالُ: إحالةُ النفْي على المانِعِ يلزَمُ منه الدَّوْرُ؛ فإن كونه مانعًا يستَدْعي سببًا أو يتوقف عليه، وكَوْنُ السبَب مسببًا يتوقَّف على اعتبارِهِ، واعتبارُه يتوقَّف على تحقُّق المانع في صورة النقْضِ، وإحالة النفْيِ عليه، فتتوفف المانعيَّةُ على السببية، والسببية على المانِعيَّة.

لأنَّا نَقُولُ: هذا لَا يَقدَحُ؛ فإنه تَوَقُّفٌ مَعِيٌّ، مثله جارِ في معارَضَة كُلِّ عارضٍ خَاصٍّ لعامٍّ، ولم يمنع من العَمَلِ بالخَاصِّ والعَمَلِ بالعامِّ فيما عدا صُورَةَ التخصِيصِ؛ لما فيه من الجَمْعِ بين الأدلَّة بِحَسَب الإمْكَانِ، ووجْهُ الحل فيه أن إحالة الحُكمِ على المانِعِ لا يتوقَّف إلا علَى تَحْقيق المُنَاسِبِ لِلإِثباتِ، وصلاحيةُ المانِعِ للنفْي لا على الاعتبارِ، فلا دَوْرَ.

فروعٌ: مِنْهَا ما يتعلَّق بأمورٍ جدليَّةٍ، ومنها ما يَرْجِعُ إِلى أمورٍ حقيقية:

الأول: هل يُشتَرَطُ في توجُّه النقض أن يكون تخلُّف الحكم في صورة النقْضِ مُتَّفَقًا عليه بين الخَصْمَين، أو على أصْل المستدل حتى لا يمكن عنْدَ مَنْع المَستدلِّ له من الاسْتِدْلالِ عليه؟ اختلف الجدليُّون فيه على مذاهِبَ:

الثاني: هل يُسْمَعُ الاستدلالُ علَيه؟ فيه أقوالٌ:

الثالث: يُسْمَعُ من المستَدِلِّ؛ لأنه منصبه دون المعترض؛ لأن وظيفته الهَدْمُ، والمشهورُ أن النَّقْضَ المدلولَ عليه غَيرُ مَسْمُوع من السائِلِ والمسئولِ؛ فإنَّ المستَدِلَّ إنما يحتاجُ إِلَى ذلك إذا عُورِضَ قياسُهُ بقياسٍ آخَرَ، فينقُضُهُ عليه، فمنعه المعترضَ تخلّف الحُكْم في تلك الصورةِ؛ فيحتاجُ إلى الاستدلالِ علَى تخلُّفه، وهو في هذا المَقَام مُعْتَرِضٌ؛ فلا يسمع منه؛ لأن نقل الكلام إِلَى مسألة أخرَى قَدْ يُنْقَضُ عليها بنَقْضٍ ممنوعٍ، وذلكَ يُخْرِجُ المناظَرَةَ عن الضَّبْط.

الثاني: إذا منع وجود العلَّة في صورة النقْضِ، فهل يستَدِلُّ على ثبوتها؟ فيه خلافٌ أيضًا بين الجدلِيِّين، والأقرَبُ إِنْ كان ذلك الجامِعُ حُكمًا شرعيًّا، لم يُمْكِنْ؛ لما فيه من الانتشارِ، وإِن كان عقليًّا أو عرفيًّا، فيسمع منه؛ لقُرْبِ المأخذِ فيه.

الثالث: مَنْ يرى تخصيصَ العلَّةِ، هل يحتاج في التحْرِيرِ إِلَى ذِكْرِ ما يشيرُ إِلَى دَفْع النقْضِ؟ جرت عادَةُ المتقدِّمين بذلك؛ لما فيه من التنبيه على المسائِلِ المتضادَّة، وليكُونَ العذر بإبداء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015