. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} [سبأ: 8].
ومع هذا الاخْتِلَافِ العَظِيم كيف يدعى اتِّصَافه بالصِّدْقِ ضرورة، بمجرد أن الكَذِبَ صِفَةُ نَقصٍ، وأن النَّقْصَ مُسْتَحِيلٌ عليه؟ !
فإن قيل: أخذنا هذه المَطَالب مسلمة من عِلْمِ الكَلَامِ وبنينا عليها وجوب اتصافه بالصدق ضرورة.
فيقال: فهلا أخذ وجوب الصِّدْقِ لله -تعالى- مسلمًا من عِلْمِ الكلام أيضًا، فإنه من مَبَادِئ هذا العِلْمِ، ولا يبرهن عليه فيه؟ !
وقَد نقل عن الغزَّالي مَسْلَكَينِ وضعفهما:
الأول: إخبار الرسول بامْتِنَاع الكذب على الله -تعالى- وضعَّفه بأن صِدْقَ الرَّسُولِ مَبْنِيٌّ على دلالة المُعْجِزَةِ، ودلالة المعجَزة مُتَوَقِّفَةٌ على إثْبَاتِ الصدق لله -تعالى- فإنها تنزل مَنْزِلَةَ التَّصْدِيقِ بالقول، فما لم يثبت الصِّدق لله -تعالى- لا يَدُلُّ على صِدْقِ الرَّسُولِ، فإثباته به دَوْرٌ.
وقد أَجَابَ الأَصْحَابُ عنه بِجَوَابَينِ:
أحدهما: أن المعجزة تَدُلُّ على الصِّدْقِ والتصديق معًا؛ فلا دَوْرَ.
والثاني: أن دَلالةَ المُعْجِزَةِ على الرِّسَالةِ لا تَتَوقَّفُ على إثبات الكَلَامِ، والصدق لله تعالى.
قال الإمام: فإن من ادَّعَى الرِّسَالةَ فِي مَلأٍ من مَلِكٍ، وادعى صحة رِسَالتِهِ بأن الملك يغير عادته المَأْلُوفَةَ، ويوافقه فيما ادعاه ... المثال المشهور، فطابقه -علم الحاضرون صدقه، وإن كان فيهم من ينفي كلام النفس. ثم ما ذكره من الدَّوْرِ لَازِمٌ له على المسلك الَّذي اختَارَهُ؛ فإن حَاصِلَ دَلِيلِهِ رَاجِعٌ إلى وُجُوب نَفْي النَّقَائِصِ عن الله -تعالى- واعتمد جمهور الأَصْحَاب فِي نَفْي النَّقَائِصِ عنه بالإجماع، فإن الفِرَقَ مُجْمِعَةٌ على وُجُوب اتْصَافِهِ -تعالى- بالكمال، واستحالة اتِّصَافِهِ بالنَّقْصِ، وإن اخْتَلَفوا فِي تعيين ما هو الكَمَالُ: فإذا كان معتمدهم