. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

حاصله أنه أجرى الاسم مع التعريف مُجْرَاهُ مع التنكير، فَإِنَّ النَّكِرَةَ إنما تَدُلُّ على ذَاتٍ شَائِعَةٍ في الجِنْسِ، فَتَكْفِي في الإِثْبَاتِ بِفَرْدٍ من أَفْرَادِهَا.

وأما في النَّفْي، فالعُمُومُ فيها بالعَرَضِ لا بالذَّاتِ؛ لما ذكره من اللزوم العقلِيِّ. ولم يَجْعَل لِدُخُولِ لام التَّعْرِيفِ فيها على هذا التقدير أَثَرًا أَلْبَتَّةَ، وهو على خلاف الإِجْمَاعِ؛ فإنها لَا بُدَّ وأن تُفِيدَ تَعْرِيفًا، وإذا امْتَنَعَ العَهْدُ كما فرض، فَيَتَعَيَّنُ الجِنْسُ.

لا يقال: فَلْتُفِدْ تَعْرِيفَ الماهية؛ لأنا نَقُولُ: المَاهِيَّةُ مُعَرَّفَةً بالاسم، فتعريفها باللام تَحْصِيلُ الحاصل.

وههنا بَحْثٌ لَطِيفٌ:

وهو: أن لَفْظَ "إنسان" وُضِعَ لِلمَاهِيَّةِ، ولام التعريف إنما دَخَلَت لتعريف كَيفِيَّةٍ المَحَلِّ المَحْكُومِ عليه، وكيفية المَحَلِّ المَحْكُومِ عليه تختلف؛ فتارة تحكم على الإنسان مع قَيدِ وَحْدَةٍ، أو كَثْرَة معينة، فتكون اللام فيه لِلْعَهْدِ؛ كقوله تَعَالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا} [المزمل: 15، 16].

وتارة تحكم عليه مع كثرة غير معينة، [فتكون اللَّامُ فيه لِتَعْرِيفِ الجِنْسِ]؛ كقوله تعالى:

{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 2].

وتارة تحكم فيه على مُجَرَّدِ المَاهِيَّةِ؛ كقولك: الإنْسَانُ نَوْعٌ، فتكون لتعريف الماهية، أعني: أنها في المَحْكُومِ عليها فقط لا تفيد، وهو غير تَعْرِيفِ الاسم لِلْمَاهِيَّةِ، فكأن اللام تَجْرِي في استعمالها مُجْرَى سور القضية نحو: كل، وبعض؛ المعينين لكمية الحُكْمِ.

وعلى هذا، أمكن أن يُقَال: إنها تَدْخُل لأصل التَّعْرِيفِ، وتعيين هذه الجِهَاتِ بالقرائن دفعًا للاشتراك، أو المَجَازِ.

تَتِمَّةٌ:

قد تَقَدَّمَ أن الصِّيَغَ الدَّالَّةَ على العُمُومِ عَند المحققين سِتَّةُ أنواع:

الأسماء المُبْهَمَة، والشرط، والاسْتِفْهَامُ، والموصولة -وقد تَقَدَّمَ الاحْتِجَاجُ عليها- والجمع المُعَرَّفُ بلام الجِنْسِ- وقد تقدم الاحْتِجَاجُ عليه. ومثله الجمع المُضَاف إلى معرفة؛ كقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11]؛ والدليل على عمومه: صِحَّةُ تأكيده بالصِّيَغِ المُسْغرقة، وصحّة استثناء كُلِّ فَرْدٍ منه.

والاسم المُفْرَدُ المُعَرَّفُ باللام، وقد اختار أنه لا يَعُمُّ في الإِثبَاتِ، وقد تقدم الكلام على حُجَجِهِ؛ وذكر ما احتي به المُعَمِّمُونَ.

ومنها النَّكِرَةُ في سياق النَّفْي؛ وقد احتج على عمومها: بأنه لا يُتَصَوَّرُ نَفْيُ المَاهِيَّة إلا بالامتناع عن جميع أفرادها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015