الرَّابعُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَصْفُهُ بِمَا تُوصَفُ بِهِ الْجُمُوعُ؛ فَلَا يُقَالُ: "جَاءَنِي الرَّجُلُ الْعُلَمَاءُ الْحُكَمَاءُ" إِذَا ثَبَتَ هذَا فَنَقُولُ: قَوْلُهُ تَعَالى: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} [ق: 10] وَقَوْلُهُ نَعَالى: {أَو الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: 31]- مَجَازٌ؛ لِعَدَمِ الاطِّرَادِ.
الْخَامِسُ: لَا يَجُوَزُ اسْتِثْنَاءُ الْجَمْعِ مِنْهُ؛ فَلَا يُقَالُ: "جَاءَنِي الرَّجُلُ؛ إِلَّا الْعُلَمَاءَ وَالْحُكَمَاءَ"؛ إِذَا ثَبَتَ هذَا، كَانَ قَوْلُهُ تَعَالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 2]- مَجَازًا؛ لِعَدَمِ الاطِّرَادِ.
السَّادِسُ: إِذَا قَال الرَّجُلُ: "لَبِسْتُ الثَّوْبَ، وَشَرِبْتُ الْمَاءَ" لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ إِلَّا الْمَاهِيَّةُ؛ وَالأَصْلُ فِي الْكَلامِ الْحَقيقَةُ؛ فَوَجَبَ أَلَّا يَكُونَ حَقِيقَةً فِي غَيرِهِ؛ لِعَدَمِ الاشْتِرَاكِ.
السَّابعُ: أَنَّ قَوْلَنَا: "أَحَلَّ اللهُ هَذَا الْبَيعَ" -لَا يُفِيدُ الْعُمُومَ، فَلَوْ كَانَ قَوْلُنَا: "الْبَيعُ" يُفِيدُ الْعُمُومَ- لَكَانَ خُرُوجُهُ عَنْ إِفَادَةِ الْعُمُومِ: إِنَّمَا كَانَ لأَجْلِ انْضِمَامِ لَفْظَةِ "هذَا" إِلَيهِ؛ وَذلِكَ يُوجِبُ التَّعَارُضَ؛ وَهُوَ خِلافُ الأَصْلِ.
===
سلمناه، ولكن لا نُسَلِّمُ عَدَمَ الاطِّرَادِ، فإنه يقال: كُلُّ الماء، وكُلُّ الذَّهَبِ، وكل البُرِّ، وهو كثير.
قوله: "الرابع: أنه لا يَجُوزُ وَصْفُهُ بما يُوصَفُ به الجَمْعُ، فلا يقال: جاءني الرَّجُلُ العُلَمَاءُ":
وقد تقدم التَّنْبِيهُ على الاعْتِرَاضِ عليه، بأَن الوَصْفَ تَابعٌ، فيراعى فيه اللفظ إذا ثبت هذا.
قوله: "إذا ثبت هذا، فقوله تعالى: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} [ق: 10]، وقوله تعالى: {أَو الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: 31] مَجَازٌ؛ لعدم اطِّرَادِهِ".
يرد عليه ما تقدم، وإيراده: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} [ق: 10] نَقْضًا على مَنْعِ الصفة بما يوصف به الجَمْعِ - لا يريد به الصفة الصِّنَاعِيَّة؛ فإن "بَاسِقَاتٍ" حال، بل يريد الصَّفَةَ المَعْنَويَّةَ.
قوله: "الخَامِس: لا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الجَمْعِ منه، فلا يُقَالُ: جاءني الرَّجُلُ إلا العُلَمَاء.
وإذا ثَبَتَ هذا، كان قوله تَعَالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 2] مجازًا لعدم الاطِّرَادِ.
يرد عليه: لا نُسَلِّمُ عَدَمَ الاطَّرَادِ، بل ذلك كَثِيرٌ في الاسْتِعْمَالِ إذا أريد بها تَعْرِيفُ الجِنْسِ.
قوله: "السَّادِسُ: إذا قَال الرَّجُلُ: لَبِسْتُ الثوب، وشَرِبْتُ المَاءَ - لم يفهم منه إلا الماهية".
الاعْتِرَاضُ عليه: أن قَرِينَةَ اسْتِحَالةِ التعميم ها هنا مُعَينة لما علم من اسْتِحَالةِ شُرْبِهِ جَمِيعَ الماء، ولُبْسِهِ جَمِيعَ الثياب.
قوله: "السَّابع أن قولنا: "أَحَلَّ اللَّهُ هذا البَيعَ" لا يُفِيدُ عُمُومًا، فلو كان قولنا: "البَيعُ" يفيد العُمُومَ، لكان خروجه عن إِفَادَةِ الأَصْلِ؛ لانضمام لفظة "هذا"، وهذا يوجب التَّعَارُضَ".