يوسف، وكذا جَعَلَ من شيوخ ابن التلمساني أبا اليمن الكندي، ومن تلاميذه: الدمياطي، والحق أن الأولَ شَيخ لعثمان بن يوسف، والثاني تلميذ له. ومما يدلك على هذا ترجمة: عثمان بن يوسف، وهذا نَصُّها في كتاب "طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة 2/ 116: عثمان بن يوسف، الشيخ محيي الدين، أبو عمرو، القليوبي.
ولد سنة سبع أو ثمان وستين وخمسمائة، وناب في الحكم بالقاهرة، وخطب بها، وشرح الخطب النباتية في مجلد، وجمع في الفقه مجلدًا يشتمل على مسائل غريبة يعرف بالمجموع. وسمع أبا اليمن الكندي، روى عنه الدمياطي بالإِجازة.
قال السيد عز الدين: وكان حسن السيرة، محمود الطريقة.
توفي في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وستمائة.
لقد تَبَّوأَ كِتَابُ المعالم في أصول الفقه مكانة عظيمة في قلوب العلماء والفقهاء، فَعَكَفُوا عليه دَرْسًا وتحليلًا، وتناولوا موضوعاته وأفكاره بالشرح والتفسير، بل صار مرجعًا أساسيًّا في علم الأصول لمن أراد أن ينهل من معين هذا العلم، أو يرتوي من مشاربه، وقد تعددت هذه الشروح والدراسات نظرًا لما يحويه الكتاب من أفكار غزيرة، ومواضيع متعددة، كل هذا أثرى خيال العلماء؛ فراحوا يلتفون حوله قراءة وشرحًا وتفسيرًا.
فممن شرحه:
الأول: علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن محمَّد، السيد العالم الفاضل، شرف الدين، أبو الحسن الحسيني، الأرموي، المصري، المعروف بابن قاضي العسكر. مولده سنة إحدى وتسعين وستمائة، وسمع منه جماعة واشتغل بالفقه والأصول والعربية، وأفتى، ودرس بمشهد الحسيني والفخرية والطيبرسية وولي نقابة الأشراف والحسبة، وولي وكالة بيت المال، وحدث، سمع منه جماعة. قال ابن رافع: وعين في وقت لقضاء القضاة بمصر. وكان من أذكياء العالم، كثير المروءة، أديبًا بارعًا. وقال السبكي في الطبقات الكبرى: كان رجلًا فاضلًا، ممدحًا، أديبًا، وهو والشيخ جمال الدين ابن نباتة والقاضي شهاب الدين ابن فضل الله أدباء العصر، إلا أن ابن نباتة وابن فضل الله يزيدان عليه بالشعر؛ فإنه لم يكن له في النظم يد، وأما في النثر فكان فيه أستاذًا ماهرًا مع