إذاً: ما لا يقبل الاشتراك هذا جزئي، إذاً: زيدٌ جزئيٌ، لكن إذا أدخلتَه تحت المؤمنون ونُظِر إليه كفرد من اللفظ العام نقول: هو جزء، باعتبار نسبته إلى كونه فرداً من أفراد العام فهو جزءٌ لا جزئي، وباعتبار الحكم عليه بذاته فهو جزئيٌ، هذا قوله: (بل هو جزئيٌ) إن أراد أنه جزئيٌ باعتبار مفهومه وهو الذات المشخَّصة فمسلَّم. وليس الكلام فيه .. ليس الكلام والبحث في هذا، هذا سيأتي في مباحث الألفاظ.
وإن أراد أنه جزئيٌ بالنظر لكونه فرداً من أفراد الجمع فممنوعٌ، فاللفظ نفسُه له اعتباران:
باعتبار ذاته لا باعتبار كونه فرداً من أفراد العام فهو جزئيٌ ولا إشكال فيه؛ لأنه دالٌ على ذات مشخَّصة لا تقبل الاشتراك.
وأما بالنظر إلى كونه فرداً من أفراد العام نقول: لا، ليس جزئياً بل هو جزءٌ.
الْكُلُّ حُكْمُنَا عَلَى المَجْمُوْعِ ... كَكُلُّ ذَاكَ لَيْسَ ذَا وُقُوْعِ
بل هو جزءٌ وحينئذٍ تكن الدلالة تضمنية.
قال: (بل هو جزئيٌ؛ لأنه في مقابلة الكلي) هذا تعليلٌ للحكم عليه بأنه جزئي، لماذا حكمتَ عليه بأنه جزئي؟ قال: (لأنه في مقابلة الكلي).
أين الكلي هنا؟
إذا أراد به اللفظ العام، هما ليسا متقابلان وإنما هو فردٌ اتصف بالوصف الذي اشتمل عليه اللفظ العام.
هذا تعليلٌ للحكم عليه بأنه جزئي.
(وفيه) يعني: يرِد عليه (أنه إن أراد بالكلي الذي جُعل في مقابلته لفظ عبيدي، الذي هذا العبد المخصوص وهو زيدٌ مثلاً من أفراده، فذلك المفهوم كليٌّ. وليس الكلام فيه إنما الكلام في لفظ عبيدي).
يعني: عبد وحده، ليس زيد وإنما عبد.
هذا بالنظر لذاته لأنه يصدُق ويقبل الاشتراك فهو كليٌّ، لكن لا باعتبار كونه فرداً من أفراد العام.
قال: (لأن دلالة العموم من باب الكُلّيّة لا الكل).
(بل هو جزئي) قلنا هذا فيه نظر لإطلاقه.
(لأنه في مقابلة الكلي) ليس عندنا كلي.
قال: (لأن دلالة العموم) دلالة العموم أو اللفظ؟ اللفظ. يعني: اللفظ العام هذا المقصود.
(لأن دلالة العموم) أي: العام وهو مثال عبيدي هنا.
(من باب الكُلّيّة) صحيح هذا؟ لا. دلالة العموم يعني: اللفظ العام "المؤمنون".
قال: (لأن دلالة العموم من باب الكُلّيّة) يصح؟ لا يصح؛ لأنه في المركبات.
مَدْلُوْلُهُ كُلِّيَّةٌ إِنْ حَكَمَا ... عَلَيْهِ فِي التَّرْكِيْبِ مَنْ تَكَلَّمَا
والبحثُ ليس فيه، ليس في ((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)) [المؤمنون:1] أو جاء عبيدي، البحث في عبيدي فقط، وفي المؤمنون فقط.
حينئذٍ لا يكون من باب الكُلّيّة بل هو من باب الكل.
قال: (من باب الكُلّيّة) وهذا ممنوعٌ أيضاً؛ لأن العام له اعتباران:
فباعتبار الحكم عليه يكون كُلياً وليس الكلام فيه. يعني: إدخالُه في جملة مفيدة وهو من باب الكُلّيّة وليس الكلام فيه، وباعتباره في حد ذاته قبل الحكم عليه الذي هو المراد هنا يكون كلاً لا كلّيّاً.
فقوله: (من باب الكُلّيّة) ممنوع، وقوله: (لا الكل) ممنوع، بل الصواب أنه كلٌ.
بل هو من قبيل الكل لأن لفظ عبيد وُضِع للمجموع من حيث هو مجموعٌ فهو كلٌ، وكل واحدٍ من الأفراد جزءٌ.