فقوله: (في قوة قضايا) إذا قلنا البحث في اللفظ العام فقط دون تركيبه مع حُكمٍ آخر نقول: هذا ليس بسديد، بل هو ممنوع.
وحينئذٍ فقول المجيب: (أنه في قوة قضايا .. إلى آخره ممنوع؛ لأن الذي في قوة قضايا هو: جاء عبيدي، وليس الكلام فيه) وإنما الكلام في المفرد اللفظ العام قبل أن يُركَّب في جملة أو يُحكم عليه.
(على أنه لو سُلِّم جدلاً أنه في قوة قضايا فلا يلزم من كون الشيء في قوة الشيء أن يكون مثله في الدلالة، وبأن الكلام في دلالة المفرد الوضعية لا في دلالة القضايا. فالحق أنه من قبيل دلالة التضمن).
إذا قلنا البحث في عبيدي فقط، فهو من دلالة التضمن؛ لأن اللفظ وُضِع لمركبٍ، وإذا استُعمل اللفظ وأريد به بعض أو جزء المعنى المركب الذي وُضِع له اللفظ، قلنا هذه دلالة تضمن.
إذاً: لا إشكال فيها في كونه دلالة تضمن، وأما الوهَم بأنه في قوة قضايا نقول: هذا بعد تسلُّط الحكم عليه، وأما قبل ذلك فلا.
فالحق أنه من قبيل دلالة التضمن؛ لأنه جزءٌ لدلالة العام على مجموع الأفراد.
إذاً: قول المصنف: (دلالة العام على بعض أفراده كجاء عبيدي مطابَقةٌ).
(دلالة) هذا مبتدأ، (مطابَقة) هذا خبره. لماذا .. ما التعليل في كونها مطابقة؟
(لأنه في قوة قضايا بعدد أفراده أي: كجاء فلانٌ وجاء فلان .. وهكذا).
(فسقط) يعني: بهذا الجواب.
(سقط ما قيل) يعني: ما قاله القرافي، ماذا قال القرافي؟
قال: (إنها خارجةٌ) ..
قال هنا في الحاشية: مطابقة خبر دلالة، والجملة جوابٌ عما أورده الإمام شهاب الدين القرافي في محصوله من أن دلالة العام على بعض أفراده خارجةٌ عن الدلالات الثلاثة .. دلالة العام على بعض أفراده خارجةٌ عن الدلالات الثلاثة؛ إذ الفرد ليس تمام المعنى العام، فتكون دلالته عليه مطابقة. مُسلَّم؟ مُسلَّم هذا.
(دلالة العام على بعض أفراده) ليس من دلالة المطابقة مُسلَّم؟ مسلَّم.
(وليس جزءه فتكون تضمناً) وهذا غير مسلَّم بل نمنعه.
(بل جزئيٌ له ولا خارجاٌ لازماً) وهذا مسلّم.
إذاً: الأول نفْي كونها دلالة مطابقة مسلَّم.
ونفي كونها دلالة التزام مسلَّم.
بقي البحث معه في: هل هي دلالة تضمن أو لا؟ والصحيح أنها دلالة تضمن.
قال هنا: (فسقط) بهذا الجواب (ما قيل) يعني: ما قاله القرافي، انظر هنا ما ذكره احتراماً وتقديراً له لمكانته في علم الأصول.
(ما قيل: أنها خارجةٌ عن الدلالات الثلاث).
(فسقط ما قيل أنها خارجةٌ) يعني: دلالة العام على بعض أفراده (خارجة عن الدلالات الثلاث).
لماذا؟ أراد أن يعلِّل: (لأن بعض أفراده) هذا تعليلٌ لخروجها من الثلاث.
(لأن بعض أفراده) يعني: أفراد العام.
(ليس تمام المعنى للعام) وهذا مسلَّم.
(حتى تكون دلالته) أي: العام (عليه) على هذا البعض، بعض أفراده (مطابقة).
وهذا لا إشكال فيه، نُقيِّد أن هذا مسلَّم.
الثاني: (ولا جزءَهُ حتى تكون تضمُّناً) يعني: ليست دلالة العام على بعض أفراده تضمنية؛ لأن هذا الفرد ليس جزءاً من العام، بل هو جزئيٌ وهذا ممنوع .. لا يُسلَّم.