والذي يُعتبر شرطاً هنا في تحقُّق دلالة الالتزام هو البيِّن بالمعنى الأخص لا الأعم، يعني: لا يحتاج إلى دليل ثم يكفي في جزم العقل به أن يتصوَّر الملزوم فقط دون اللازم، فإن احتاج إلى تصور الملزوم واللازم معاً نقول: هذا بيّنٌ أعم، وهذا لا يُشترط في دلالة الالتزام، ولذلك لو وُجد لا يسمى دلالة التزام.

قال: (وإن توقف على تصور الملزوم ولازمه كلزوم التعجُّب للإنسان فهو أعم).

وشرطُ دلالة الالتزام: اللزوم البيّن الأخص، وأما الأعم فليس بلازم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: (ودلالة العام على بعض أفراده كجاء عبيدي مطابقة؛ لأنه في قوة قضايا بعدد أفراده أي: جاء فلانٌ وجاء فلان .. وهكذا).

هذا من فوائد علم المنْطِق، وهذه ما يذكرها المنطقيون أصالة وإنما أهل الشرع هم الذين يذكرون هذه المسألة، وهو أراد أن يرد على القرافي.

هذا شروعٌ من المصنف رحمه الله تعالى في تقرير جواب الأصفهاني عن النقض الذي أورده القرافي على حصر الدلالات في الثلاث بمادة لم يتحقق فيها أقسامها.

قلنا: الدلالة محصورة في ثلاثة أنواع:

لفظ على مسماه: إما مطابقة، وإما تضمن، وإما التزام.

سؤال: هل يوجد عندنا لفظٌ يدل على معنى وليس بواحد من الثلاث؟ لا ليس عندنا، العدم هنا "عدم الوجود" دليلٌ على صحة التقسيم، لو أثبتنا قِسماً رابعاً انتقض التقسيم.

القرافي أتى بقسم رابع قال: القسمة ثلاثية فيها نظر.

وعنده مثال لدلالةٍ تدل على معنى ليست مطابَقية، ولا التزامية، ولا تضمنية.

إذاً: هذا الحصر الذي اشتهر عند المناطقة والبيانيين والأصوليين. هذا الحصر ليس بصحيح عند القرافي، وهذا الذي أراد أن يرد على القرافي، وهو قوله مردود لا شك؛ لأن ما ذكره من مثالٍ هو دلالة تضمن.

قال هنا: (ودلالة العام) يعني: اللفظ العام، اللفظ المستغرق الدال .. إلى آخره، هذا مصطلحٌ أصولي.

اللفظ الذي يستُعمل في مجموع الأفراد التي يصلح لشمولها بلا حصرٍ لها في عددٍ خاص، (المؤمنون) هذا لفظٌ له مدلول، ما هو مدلوله؟ المؤمنون هذا لفظٌ عام؟ كيف عرفنا أنه عام؟

جمعٌ محلى بأل، ولك وجهٌ آخر تقول: مؤمنون جمع مؤمن اسم فاعل، اسم الفاعل إذا دخلت عليه أل فهو ..

وَصِفَةٌ صَرِيحَةٌ صِلَةُ أَلْ ... وَكَوْنُهَا بِمُعْرَبِ الأَفْعَالِ قَلّ

صفةٌ صريحة قال: "وَصِفَةٌ صَرِيحَةٌ صِلَةُ أَلْ".

إذاً: المؤمنون أل هذه موصولة، والموصولات من ألفاظ العموم.

صِيَغُهُ كُلٌّ أَوْ ?لجَمِيعُ ... وَقَدْ تَلاَ ?لَّذِي الَّتِي الفُرُوعُ

إذاً: أل موصولة وهي تدل على العموم.

إذاً النتيجة: المؤمنون لفظٌ عام، ما مدلوله؟ ما معنى العام؟

العام هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له.

إذاً: مدلوله: أفرادٌ آحاد، ذُكوراً أو إناثاً، اتصف كلُّ فردٍ من هذه الأفراد بصفة الإيمان، لهم حصر؟ لا حصْر لهم.

حينئذٍ هذا المعنى .. يقول هنا: (دلالة العام على بعض أفراده) على تمام الأفراد مطابَقة، على بعض الأفراد "هو محل الإشكال عند القرافي" هل هو دلالة تضمن أو لا؟

يقول: اللفظ ما وُضِع ليدل على بعض ما استُعمل فيه، وإنما وُضِع اللفظ للدلالة على استعماله في تمام ما وُضِع له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015