فالأربعة ما وُضِعت إلا لعدد الأربعة، أما كونه زوجاً هذا مفهومٌ من خارج، هذا الخارج لازمٌ لهذا المسمى الذي وُضِع اللفظ له، داخلٌ تحت المسمى؟ الجواب: لا. خارجٌ عنه لكنه لازمٌ له؛ بحيث لا توجد الأربعة إلا وهي زوج، وقد توجد الزوجية لا في الأربعة. يعني: إذا قيل زوجٌ هذا اللازم، حينئذٍ إذا قيل: هذا عدد زوج، لا يستلزم الأربعة قد يكون ثمانية.
إذاً الزوجية لا تستلزم الأربعة، لكن إذا قيل أربعة لزم منه الزوجية، فالزوجية هذا معنى وهو لازمٌ لا ينفك عن الشيء، لكنه ليس داخلاً تحت مسماه وإنما هو خارجٌ عن مسماه. هذا يسمى دلالة التزام.
كدلالة الإنسان على العلم.
"حيوان ناطق" ما وُضِع حيوان ناطق متعلم أو قابل للعلم، لكن معلوم بدلالة الالتزام من خارجٍ أن الإنسان قابلٌ للعِلم، وقابلٌ لصَنْعَة الكتابة .. إلى آخر ما يختص به الإنسان.
فدلالة الإنسان على العِلم التزامية، دلالة الإنسان على صنعة الكتابة وقَبوله لها هذه التزامية، لكن هل اللفظ وُضِع لصناعة الكتابة والعِلم؟ الجواب: لا. هذا نسميها دلالة التزام.
قال هنا: (وَعَلَى مَا يُلاَزِمُهُ) أي: ودلالة اللفظ بتوسط الوضع على معنًى يلازم ذلك المعنى الذي وُضِع له اللفظ يعني: يلزم من العلم بالملزوم كالأربعة .. الأربعة ملزوم، الذي هو مفهوم اللفظ الموضوع له العِلمُ باللازم الذي هو الزوجية، من غير احتياجٍ إلى واسطةٍ كما هو حقيقة اللزوم البيِّن بالمعنى الأخص، وسيأتي اللزوم البيّن بالمعنى الأخص.
قال في الحاشية هنا: (وَعَلَى مَا يُلاَزِمُهُ) أي: معنىً تصوُّره لازمٌ لتصور المعنى الذي وُضِع اللفظ له بلا احتياجٍ إلى واسطة، واللزوم والملازَمة عدمُ الانفكاك بين شيئين.
الزوجية والأربعة هل يمكن أن تنفك الزوجية على الأربعة؟ الجواب: لا.
الإنسان والعلم هل يمكن أن ينفك عنه؟ لا .. القابلية دعك من الوجود. يعني: بالقوة لا ينفك عنه، كل إنسان قابل للعلم، كل إنسان قابل للكتابة هذا الأصل فيه، وحينئذٍ نقول: لا ينفك عنه.
فاللازم والملزوم نقول: لا ينفك اللازم عن ملزومه، هذا الأصل فيه .. لا يتصور، إن تُصوِّر فليس بلازمٍ .. إن تُصوِّر الانفكاك حينئذٍ لا يكون لازماً.
ولذلك قال: عدم الانفكاك بين شيئين، والمقتضِي منهما للآخر يسمى ملزوماً، والآخر يسمى لازماً.
الأربعة ملزوم أو لازم؟
ملزوم، والزوجية؟ لازم.
الإنسان ملزوم والعلم لازم. إذاً: فرِّق بينهما.
المقتضِي هو الملزوم، والمقتضى هو اللازم .. المقتضي للآخر يسمى ملزوماً، والآخر يسمى لازماً.
(وَعَلَى مَا يُلاَزِمُهُ) أي: ما يلازِم ما وُضِع له.
قال: (فِي الذَّهْنِ) هذا متعلق بالفعل (يُلاَزِمُهُ) يلازمه أين؟ أين الملازَمة؟
الملازمة قد تكون في الذهن والخارج معاً، وقد تكون في الذهن فقط، وقد تكون في الخارج فقط.
وقوله: (فِي الذَّهْنِ) وأطلقه المصنف هنا، فدخل فيه نوعان .. ما قيَّده.
فدخل فيه: ما يكون التلازم في الذهن والخارج معاً، وما يكون في الذهن فقط؛ لأن العبرة بالتلازم في الذهن بقطع النظر عن الخارج، سواء وافقه في الخارج أو لا، أما أن يكون التلازم في الخارج لا في الذهن. هذا الممنوع عند المناطقة فلا يسمى دلالة التزام.