(هذا) الأصل في وضع اسم الإشارة أن يكون لمحسوس، وهنا المشار إليه أمرٌ معنوي، حينئذٍ نقول: نزَّل المعقول منزّلة المحسوس لقربه، هذا على المشهور إذا كان قبل الكتاب. يعني: كتب المقدمة أولاً ثم الكتاب بعدُ ما وُلد، حينئذٍ نقول: الإشارة هنا أشار إلى شيءٍ في الذهن، وإن كانت المقدمة بعد الكتاب .. ألَّف الكتاب ثم قال: فهذا حينئذٍ يكون لمحسوس على بابه. هذا هو المشهور، وثم تفصيلٌ آخر.
قال هنا: (فهذا) المشار إليه ما في الذهن تقدَّمت الخطبة أو تأخرت.
هذا هو الصحيح، وإن اشتهر التفصيل على ما ذكرناه عن الجمهور فيما سبق، وفيه استعارةٌ تصريحية لتنزيل المعقول منزَّلة المحسوس.
(فهذا شرحٌ) مصدرٌ باقٍ على مصدريته للمبالغة كقوله: زيدٌ عدلٌ. أو بمعنى اسم الفاعل على طريق الإسناد المجازي.
والشرحُ لغة: الكشفُ والإيضاح.
وعُرفاً: ألفاظٌ مخصوصةٌ دالة على معاني مخصوصة.
(شرحٌ لطيفٌ لكتاب) لطيف يعني: مختصر أو حسن.
(لكتابِ العلاَّمة أثير الدين) كتاب .. سمَّاه كتاب، مصدر بمعنى اسم المفعول.
سمّاه المصنف نفسه صاحب المتن أثير الدين: رسالة، قيل: من باب التواضع سمَّاه رسالة، وسمّاه الشارح كتاباً؛ لأن الكتاب أعظم، من باب الأدب مع أهل العلم، فسمّاه صاحبه رسالة تواضعاً وسمَّاه الشارح هنا كتاباً من باب الأدب مع المصنف.
قال: (كتاب العلامة) العلاَّمة صيغة مبالغة، وتاؤه لتوكيدها أي: كثير العلم.
قال: (العلامة أثير الدين الأبهري رحمه الله).
أَثِيْر بفتح الهمزة وكسر الثاء وسكون الياء وآخره راء، المراد به المختار.
وهو على حذف مضاف أي: مختار أهل الدين والإضافة على معنى من أو اللام.
(أثير الدين) أثير يعني: مختار، والدين: المراد به ما يُدان به يعني: العمل، يُطلق الدين ويراد به العمل.
والأبهري نسبةً إلى أبهر، وهي مدينة مشهورة بين قزوين وزِنجان وهمَدان من نواحي الجبل .. هناك في فارس.
(أثير الدين الأبهري) وهذا اسمه: أثير الدين المفضَّل بن عمر بن المفضل الأبهري السمرقندي الحكيم المنطقي الفلكي الرياضي الفيلسوف، وليس له عِلمٌ بالشريعة.
والأبهري نسبةٌ إلى أبهر وهي مدينة فارسيةٌ قديمة بين قزوين وزِنجان.
من كتبه: هدايةُ الحكمة، وهو مختصرٌ في علم الهيئة، وتنزيل الأفكار في تعديل الأسرار في المنْطِق، وجامعُ الدقائق في كشف الحقائق كذلك في المنْطِق، ومتن إيساغوجي وهو كتابنا.
توفي أثير الدين الأبهري سنة 663هـ.
قال: (المسمى) وهذا نعتٌ للكتاب، المسمى الكتاب هو (بإيساغوجي) وسيأتي بحثه ومر معنا أن المراد به: المدخل إلى المنْطِق "يعني: مكان الدخول" أو المقدمة وهو الكُلِّيّات الخمس.
قال هنا: (في علم المنْطِق).
المؤلف كما قال العطّار صنَّف الكتاب وجعله على قسمين على ما هو الشائع عند من ألّف في الحكمة.
يعني: يأتي بالكتاب على قسمين: قِسمٌ هو مقدمة، وقسمٌ هو المقصود.
المقصود هذا يتعلق بالإلهيات لأنه علم الفلسفة، ويُجعَل المنْطِق مقدمةً له.