نأتي نفصِّل في الإفراد والتركيب هنا:
التركيب المراد به: الجملة الاسمية والجملة الفعلية.
يعني: الكلام عند النحاة، ما هو الكلام عند النحاة؟
لفظٌ مُركب مفيد بالوضع، أحسن تعريف تعريف ابن آجروم، [كَلامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ كاسْتَقِمْ] هذا فيه شيءٌ من الخلل.
"اللفظ المركب المفيد بالوضع" لا بد أن يشتمل على هذه الأربعة الأركان. جملة اسمية وجملة فعلية، هل كل مركَّب كلام؟ الجواب: لا. متى يكون المركب كلاماً؟ إذا أفاد فائدة تامة.
إذاً: بعض المركبات ليس بكلام، التصديق مختصٌ بالمركبات التامة.
إذاً: المركبات غير التامة أين نضعها؟ في التصور.
إذاً: معنى المفرد هنا ليس هو المفرد عند النحاة، معنى المفرد هنا عندما نقول: التصور هو إدراك المفرد [إِدْراكُ مُفْرَدٍ تَصَوُّراً عُلِمْ] ما المراد بالمفرد هنا؟
نقول: ما يقابل المركب تركيباً إسنادياً تاماً. يعني: ما يقابل الجملة الاسمية والجملة الفعلية عند النحاة وهو الكلام بنوعيه.
حينئذٍ ما لم يستوفِ شرطَ الكلام يكون داخلاً في المفرد.
إذا: أدركتُ معنى غلام زيد. تصور أم تصديق؟ إذاً: يُعتبر مفرداً في باب المفرد التصور والتصديق عند المناطقة.
حينئذٍ نقول: غلام زيدٍ نقول: هذا يُعتبر مفرداً هنا؛ لأنه ليس مركباً تركيباً إسنادياً.
إن جاء زيدُ بنُ عمروٍ العالمُ الجليل، هذا تصور أم تصديق؟
تصور، مع كونه مركباً، لكنه يعتبر كَلِماً لا كلاماً.
إذاً: بعضُ الكلِم داخلٌ في المفرد.
إذاً: العِلم قسمان: تصورٌ وتصديقٌ.
التصور له استعمالان: استعمالٌ بالمعنى الأعم: حصول صورة الشيء في النفس، وهو مرادفٌ للعِلم وليس مراداً هنا.
التصور بالمعنى الأخص وهو التصور المقيَّد بعدم الحُكم، وهذا واضح ويعبَّر عنه بأنه إدراك المفرد، والمراد بالمفرد هنا ما ليس مركباً تركيباً إسنادياً، يقابله التصديق -النوع الثاني-، والمراد به: إدراك المعنى المركَّب الذي دلَّت عليه الجملة الاسمية أو الجملة الفعلية، فما دل عليه مركبٌ ولم يكن إسناداً تاماً حينئذٍ لا يسمى تصديقاً وإنما يسمى تصوراً.
إِدْراكُ مُفْرَدٍ تَصَوُّراً عُلِمْ ... وَدَرْكُ نِسْبَةٍ بِتَصْديقٍ وُسِمْ
لكن المراد هنا في هذا المقام أن يقال: الإدراك الذي يسمى تصديقاً ليس المراد به إدراك مفهوم الجملة فحسب؛ لأن إدراك مفهوم الجملة .. الجملة مركبة من مبتدأ وخبر أو فعل وفاعل، هذه عندنا فيها أربعة تصورات، ولذلك اختلفوا في التصديق هل هو مركبٌ أم بسيط؟
عندنا أربعة تصورات: خذ مثلاً زيدٌ قائم، زيدٌ قائم هذا مبتدأ وخبر.
الجزء الأول: زيد، الجزء الثاني: قائم.
هذا عند النحاة يسمى الأول مبتدأ "زيد" والثاني "قائم" يسمى خبراً.
عند المناطقة الأول يسمى موضوعاً، والثاني محمولاً.
عند البيانيين -أهل البلاغة- يسمى الأول: مسنداً إليه، ويسمى الثاني: مسنداً.
عند الأصوليين وبعض المناطقة يسمي الأول: محكوماً عليه، والثاني: محكوماً به.
إذاً: أربعة اصطلاحات مختلِفة في اللفظ لكنها في الحقائق متفقة.
زيدٌ مبتدأ موضوعٌ مسندٌ إليه .. ما تعرب هكذا وإنما من باب الإيضاح. زيدٌ مبتدأٌ محكومٌ عليه، موضوعٌ مسندٌ إليه.
قائمٌ خبرٌ محمولٌ مسندٌ محكومٌ به، هذه ألفاظ أربعة.