قال العلامة الرازي: ويزيد في ذلك) يعني: الترغيب والترهيب (أن يكون الشعر على وَزْنٍ أو يُنشَدُ بسوط.

مقتضاه: أن الشعر قد لا يكون موزوناً، وهو كذلك).

الشعر عند المتقدمين من المناطقة، بل عند المناطقة عموماً إذا قيل: الشعر. ليس المراد به الشعر الموزون، قد يكون وقد لا يكون، بل الأصل فيه هو المنثور.

(مقتضاه: أن الشِّعر قد لا يكون موزوناً. وهو كذلك؛ فإنَّ المراد به هنا: قياسٌ مؤلَّفٌ من مقدِّماتٍ مُتخَيّلَة، وهو لا يكون موزوناً، فإنَّ شِعر اليونانيين محض مقدمات متخيلة فقط) ليس فيه وزن (أو يُنشد بسوطٍ).

قال: (طيب) يعني: حسَن جميل.

قال هنا: (والقدماء لم يعتبروا في الشعر إلا التخيل، والمحدَثُون اعتبروا كونَه مزوناً أيضاً، فحينئذٍ يكون قياساً بالقوة).

إذا جاء موزوناً يكون قياساً بالقوة، بمعنى: أنه لو حُلِّلت تلك المقدمات الموزونة ورُكِّبت على صورة القياس كان قياساً.

فلا يقال: إذا نحَى به نحوَ الشعر العربي وَوُزِن خَرج عن أن يكون قياساً؛ إذ لا تُطابق صورة القياس موازين الشعر.

قال: (وَالمُغَالَطَةُ: وَهِيَ قِيَاسٌ مُؤَلَّفٌ مِنْ مَقَدِّمَاتٍ كَاذِبَةٍ شَبِيهَةٍ بِالْحَقِّ أَوْ بِالْمَشْهُورِ أَوْ مِنْ مُقَدِّمَاتٍ وَهْمِيَّةٍ كَاذِبَةٍ) المقدمات الوهمية قال: (هي قضايا كاذبة يحكُم بها الوهمُ الإنساني في أمورٍ غير محسوسة كقولنا: لكل موجودٍ مُشارٌ إليه) يعني: نقول: هذا فرس .. يأتي يرسِم إنسان يقول: هذا فرس، أو يَرسِم فرس يقول: هذا فرسٌ يجري. هذا كذِب .. سفسطة هذه.

(أَوْ مِنْ مُقَدِّمَاتٍ وَهْمِيَّةٍ).

(ولولا دفعُ العقل والشرع لها لعُدَّت من الأَوَّلِيَّات، وإنما قيَّد الأمور بالغير المحسوسة؛ لأن أحكام الوهم والمحسوسات غير كاذبة).

قال هنا: (مُؤَلَّفٌ مِنْ مَقَدِّمَاتٍ كَاذِبَةٍ شَبِيهَةٍ بِالْحَقِّ أَوْ بِالْمَشْهُورِ أَوْ مِنْ مُقَدِّمَاتٍ وَهْمِيَّةٍ كَاذِبَةٍ).

قال السَّعد في شرح الشمسية: الوهْمِياتُ قضايا كاذبة، يحكُم بها وهم الإنسان في غير المحسوسات؛ قياساً عليها، كما يقال: إن وراء العالم خلاء لا يتناهى.

كما يُحكَم على كل جسمٍ بأنه متحيِّز؛ لإدراكِه أن كل جسمٍ مشاهد محسوس متحيّز، ولولا دفع العقل والشرع لكانت من الأَوَّلِيَّات .. إلى آخر كلامه.

قال: (وهي) أي: المغالَطة.

(بقسميها لا تُفيد يقيناً) قسميها أي: المؤلَّف من شبيهة بالحق أو المشهورة، والمؤلَّف من وهمية كاذبة. يعني: فيما يتضمنه الحد السابق.

(لا تُفيد يقيناً ولا ظناً).

قال السعد: والغرض منها إسكاتُ الخصم وتغليطُه، وأقوى منافعها الاحتراز عنها.

عَرَفْتُ الشَّرَّ لاَ لِلشَّرِّ لَكِنْ لِتَوَقِّيْهِ ... وَمَنْ لَمْ يَعْرِفَ الخَيْرَ مِنْ الشَّرِّ يَقَعْ فِيْهِ

إذاً: دراستُها لماذا؟ للحذر منها، كما يقول بعضهم: تعلَّم السحر لئلا يقع فيه! هذا غريب هذا!

قال: (لا تُفيد يقيناً ولا ظناً، بل مجرد الشك والشبهة الكاذبة، ولها) أي: المغالطة (أنواعٌ) ظاهرُها أنها متباينة، وكلامُ السعد يفيد أنها متحدة الذات مختلفة بالاعتبار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015