قال: (لاحتمال اجتماعهما على الكذِب؛ إذْ لا يستلزم ذلك كذب النقيضين) إذ لا يلزم من كذب الأخص كذب الأعم.
قال هنا: (واستثناء النقيض لا يُنتج لاحتمال اجتماعهما على الكذب. كقولنا: هذا الشيء إما شجرٌ أو حجرٌ) نقيض شجر: لا شجر، وهو أعم من التالي الذي هو حجر؛ لشمول الحيوان أيضاً.
ونقيض حجر: لا حجر، وهو أعم من شجر؛ لانفراده عنه بالحيوان.
قال هنا: (الشيء إما شجرٌ أو حجر) طبِّق القاعدة السابقة: استثناء أحد الطرفين يُنتج نقيض الآخر: إما شجرٌ أو حجر، لكنه شجر. استثنى عينَ المقدَّم، أنتج نقيض التالي: لا حجر.
أو لكنه حجراً استثنى عين التالي، أنتج نقيض المقدَّم فهو لا شجر، بخلاف لكنه لا شجر فلا يُنتِج، فهو حجر، إذا قيل: لا شجر إذاً: فهو حجر، كل ما ليس بشجر فهو حجر، أنت لست بشجر وأنت إنسان فهو لا حجر، أو لكنه حجر فهو لا شجر. بخلاف: لكنه لا شجر فلا يُنتج لا حجر، أو لكنه لا حجر فلا يُنتج: فهو شجر.
هذا ما يتعلق بالقياس الاستثنائي.
قال: (الْبُرْهَانُ).
(هذا البرهان) أي: هذا باب بيان البرهان، البرهان هذا عندهم من أعلى الدرجات.
قال: (الْبُرْهَانُ هو ترجمةٌ، وذكَر معه أقسام الحجة الباقية، اقتصر عليه لأنه العمدة).
فيما سبق قال: القياس لأنه العمدة، وهو البرهان قياسٌ، والفرق بين هذا وذاك قد يقال بأن ذاك أعم؛ لأنه لا يختص من حيث المقدمات من كونها يقينية أو ظنية.
وقلنا: الكاذبة تدخل كذلك فهو عام، لكن البرهان خاص باليقينيات، أو ما كان مآلها إلى ذلك.
حينئذٍ هو أخص من مطلق القياس السابق.
إذاً: (الْبُرْهَانُ هو ترجمةٌ، وقد ذَكَر معه أقسام الحجة الباقية، اقتصر عليه لأنه العمدة).
قال: (وهُوَ قِيَاسٌ مُؤَلَّفٌ مِنْ مُقَدِّمَاتٍ يَقِينِيةٍ).
قال: (الْبُرْهَانُ: وهُوَ) يعني: حقيقتُه وتعريفه.
(قِيَاسٌ) هذا النُّسخ اختلفت فيه، في بعض النسخ (قولٌ) هنا قال: قياس ولا إشكال فيه.
(قِيَاسٌ) هذا جنس شمل البرهان والجدل والخَطابة والشعر والسفسطة.
(قِيَاسٌ مُؤَلَّفٌ مِنْ مُقَدِّمَاتٍ) مقدِّمات أي: مقدمتين فأكثر على ما سبق: البسيط والمركب وكل ما قيل هناك يقال هنا.
(مِنْ مُقَدِّمَاتٍ) أي: مقدمتين توطِئة لقوله: (يَقِينِيةٍ) لأن مؤلَّف يكفي، وقياس يكفي.
(قِيَاسٌ) مضمونُه أنه من مقدمته، وإلا لم يكن قياساً.
(مُؤَلَّفٌ) يعني: مركّب من مقدمتين، والمؤلَّف يرادف القياس، والقياس والمؤلف يرادفان القول .. كلُّها بمعنى واحد، وزد عليها القضية كذلك.
(مُؤَلَّفٌ مِنْ مُقَدِّمَاتٍ) ذكَر المقدمات هنا تمهيداً –توطئة- لقوله: (يَقِينِيةٍ).
يَقِينِيةٍ نسبة إلى اليقين، فصْلٌ مخرجٌ الأربعة الأخيرة) يعني: الجدل، والخطابة، والشعر، والسفسطة.
دخل في قوله: قياس الخمسة: البرهان، والجدل، والخطابة، والشعر، والسفسطة.
(يَقِينِيةٍ) هذا احتراز عن الأربعة الأخيرة: الجدل، والخطابة، والشعر، والسفسطة.
مُخرجٌ الأربعة الأخيرة. نحو ماذا اليقينية؟ سقفُ البيت جزءٌ منه، هذا يقين .. مقدمة يقينية، وكل جزءٍ أصغرُ من كله، هذه مقدمة يقينية يعني: لا تحتمِل.