كلٌ منهما أعم من نقيض الآخر: لا شجر أعمُّ من حجر، ولا حجر أعم من شجر. هكذا متقابلان، إما لا شجر وإما لا حجر، لا شجر أعم من حجر الذي هو نقيض لا حجر، ولا حجر أعم من شجر الذي هو نقيض لا شجر.

فلا شجر يشمل الحيوان والحجر الذي هو نقيض لا حجر، ولا حجر يشمل الحيوان والشجر الذي هو نقيض لا شجر.

فكلٌ من لا شجر ولا حجر أعم من نقيض الآخر، وهو كذلك .. لا شجر أعم من نقيض لا حجر الذي هو حجر، ولا حجر أعم من نقيض لا شجر الذي هو الشجر.

قال: (فكلٌ مِن لا شجر ولا حجر أعم من نقيض الآخر، ونحو: زيد إما في البحر وإما ألا يغرق).

فنقيض لا يغرق: يغرق، والكون في البحر، في البحر يشمله ويشمل السلامة من الغرق، ونحو: السفينة، أو عومٍ.

ونقيضُ في البحر: ليس في البحر، لا نقول في البر؛ هذا ضده، إنما نقول: نقيضه تسلّط النفي فقط، في البحر ليس في البحر هكذا، وإن كان يصدق على البر، فالبر قد يقال بأنه مساوي للنقيض كما مر معنا: ليس المنقسم المتساويين هذا مساوٍ لزوج.

قال هنا: (ونقيض في البحر: ليس في البحر، ونفيُ الغرق يشمل السلامة المذكورة.

فكلٌ منهما أعم من نقيض الآخر، ويلزم من نفي الأعم نفيُ الأخص، فيلزم من انتفائهما انتفاءُ النقيضين وهو محال.

فلذا أنتج رفْعُ أحدهما وضْعَ الآخر) الخلو ممنوع، والاجتماع جائز: يكون في البحر ولا يغرق.

مانعة الخلو مباشرة تفهم منْع الخلو –الانتفاء يعني- لا يرتفعان وإنما يجتمعان.

قال هنا: (فاستثناءُ نقيض أحدِ الطرفين يُنتِج عينَ الآخر) لاستلزامه الخلو عن النقيضين.

مثالُه: هذا الشيء إما لا شجر أو لا حجر، لكنه شجر. استثنى نقيض أحد الطرفين الذي هو المقدَّم فهو لا حجر، يُنتج عين الآخر.

استثناء نقيض أحد الطرفين: هذا الشيء إما لا شجر أو لا حجر، لكنه شجر. هذا نقيض لا شجر الذي هو المقدَّم، فهو لا حجر يعني: يُنتج عينَ التالي.

(فاستثناء نقيض أحد الطرفين يُنتج عين الآخر) لماذا؟ (لامتناع الخلو عنهما.

واستثناءُ العين) يعني: عين أحدهما.

(لا يُنتج) استثناء العين لا ينتج، وإنما الذي يُنتج استثناء النقيض -نقيض العين-.

قال: (واستثناء العين) أي: عين أحدهما (لا يُنتج).

فضُرُوبُه أربعة: اثنان منتجان واثنان عقيمان؛ لأنك تستثني نقيض المقدَّم، تستثني نقيض التالي. هاتان صورتان، تستثني عين لا يُنتج. إذاً: ضُروبه أربعة: اثنان منتجان واثنان عقيمان.

قال هنا: (لا يُنتج لاحتمال اجتماعهما على الصدق) أي: لاستلزامه اجتماع النقيضين على الصدق، ليلزم من صدق الأخص صدقُ الأعم.

فلو صدَقا معاً لصدَق كلٌ منهما مع صدق نقيضه وهو محال.

قال: (كقولنا: هذا الشيء إما لا شجر أو لا حجر، لكنه شجرٌ فهو لا حجر، أو لكنه حجرٌ فهو لا شجر. بخلاف: لكنه لا شجر عين المقدَّم فلا يُنتج فهو حجر.

أو لكنه لا حجر فلا يُنتج فهو شجر.

وأما مانعةُ الجمع وهي المركَّبة من قضيتين كلٌ منهما أخص من نقيض الأخرى.

فاستثناءُ أحدِ الطرفين يُنتِج نقيض الآخر؛ لامتناع اجتماعهما على الصدق، واستثناء النقيض لا يُنتج؛ لاحتمال اجتماعهما على الكذب).

مانعةُ الجمع تمنع الجمع فقط وأما الخلو فجائز، إذاً: يرتفعان لكن لا يجتمعان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015