بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أَمَّا بَعْدُ:
وقفنا عند قول المصنف رحمه الله تعالى: (أو من متصلة ومنفصلة) وهذا كله بيان لما يتركب منه القياس الاقتراني؛ حيث قال: (القياس الاقتراني يتركب إما من الحمليتين -كما مر-، وإما من المتصلتين، وإما من المنفصلتين، أو من حمليَّة ومتصلة، أو من متصلة ومنفصلة).
إذاً: جاء دَور المنفصلة والمتصلة معاً، وحينئذٍ يتألف القياس الاقتراني منهما.
قال: (أو من متصلة ومنفصلة).
(سواءٌ كانت المتصلة صغرى والمنفصلة كبرى. وهذا هو المطبوع، أمْ بالعكس).
العكس بأن تكون المنفصلة صغرى والمتصلة كبرى، هذا هو العكس.
(كقولنا: كلما كان هذا إنساناً فهو حيوان) هذه متصلة (وكل حيوانٍ فهو إما أبيض أو أسود) وهذه منفصلة (يُنتِج: كلما كان هذا إنساناً فهو إما أبيض أو أسود) مركباً من نوعين.
قال هنا: (واعلم أن الاشتراك الواقع بين الشرطيتين إما في جزء تامٍ بهما) أي: أو بين الشرطية والحمليَّة، وليس الحكم خاصاً بالشرطيتين؛ لأن الجزء غير التام لا يخص الشرطيتين، بل يكون في الحمليَّة والشرطية أيضاً.
قوله: (التام) أي: فيهما. يعني: في الشرطيتين أو في الشرطية والحمليَّة.
(وهو) أي: الجزء التام.
(المقدَّم أو التالي بكماله) لا جزءٌ منه يعني: الجزء هنا المقصود به المقدَّم أو التالي، إمَّا أن يؤخذ بكماله فهو التام، أو جزءٌ منه فهو غير التام.
قال: (إما في جزءٍ تامٍ فيهما وهو المقدَّم) أي: الجزء التام الذي اشترك فيه المقدِّمتان.
(وهو المقدَّم أو التالي بكماله، وإما في جزءٍ غير تامٍ) كذلك فيهما نقدِّر، يعني: في المقدَّم والتالي.
(وإما في جزءٍ غير تامٍ فيهما من ذلك) أي: المقدَّم والتالي.
(فالتامُّ كقولنا: كلما كان ألف باء فجيم دال، ودائماً إما جيم دال أو هاء زاي).
كلما كان ألف باء أي: الشمس طالعةً، فجيم دال: الأرض مضيئة.
ودائماً إما جيم دال أي: الأرض مضيئة مثلاً.
أو هاء زاي: أو الليل موجود.
(يُنتج دائماً: إما ألف باء) الشمس طالعة أو الليل موجود.
كلما كانت الشمس طالعة فالأرض مضيئة، وكلما كانت الأرض مضيئة فالليل موجود، يُنتج دائماً: الشمس طالعة أو الليل موجود؛ باعتبار ما مضى.
(وغير التام. كقولنا: كلما كان ألف باء -الشيء حيواناً- فكل جيم دال -فكل ناطق إنسان-.
ودائماً إما كل دال هاء -كل ناطق إما أبيض أو أسود- كل دال هاء أو زاي. يُنتج: كلما كان ألف باء -أي: الشيء حيواناً- فإما كل جيم هاء أو زاي -كل إنسان إما أبيض وإما أسود-).
هم يقولون: الحروف هذه ميسِّرة للمبتدئ، والظاهر أنها العكس، الظاهر أنها ليست تسهيلاً، التسهيل إنما يكون الاختصار في ذِكر المسميات لا الكناية، كل حيوان .. إلى آخره.