وإن كان موضوعاً في الصغرى محمولاً في الكبرى -عكس الشكل الأول- نحو: كل باء جيم وكل ألف جيم فهو الشكل الرابع المخالِف للأول في مقدمتيه البعيد عن مقتضى الترتيب الطبيعي جداً؛ لأنَّ فيه انتقالاً من الوسَط للأصغر، ثم من الأكبر إليه).

إذاً: هذه أربعة أشكال: الأول: حملٌ بصغرى وضعٌ بكبرى. الذي هو الشكل الأول.

الثاني: أن يكون محمولاً فيهما.

الثالث: أن يكون موضوعاً فيهما.

الرابع: عكس الأول: أن يكون موضوعاً في الصغرى محمولاً في الكبرى.

قال رحمه الله تعالى: (فإن قلتَ) اعتراض (فلا يتكرر الحد الأوسط إلا في الثاني والثالث) يعني: دون الأول والرابع (فلا يتكرر الحد الأوسط فيهما، وتَكراره شرطٌ في كل شكلٍ).

يعني: مرادُه ما مرَّ معنا مراراً وهو: أن الموضوع إذا نُقل هل يُنقل بِصدقِه على ما صدق عليه في الأول أو لا؟ هذا المراد.

يعني: إذا قلنا: كل العالم متغيِّر، المتغيِّر المراد به المفهوم لا الأفراد. وكل متغيِّر هنا مكرر، هل المراد به المفهوم؟ لا. المراد به الأفراد، فكيف تكرر؟ إذاً: اختلفا.

قال السعد: الحد الأوسط في الشكل الأول والرابع ليس بمكررٍ؛ لأنه إذا وقع محمولاً فالمراد به المفهوم، وإذا وقع موضوعاً فالمراد به الذات) يعني: الأفراد، والجواب ما سيذكره المصنف.

قال: (فإن قلتَ: فلا يتكرر الحد الأوسط إلا في الثاني والثالث؛ لأنَّ المراد بالأوسط: إذا وقع موضوعاً الذات -يعني: الأفراد- وإذا وقع محمولاً المفهوم).

اللفظ ولو اتحد، ولو كان عينَه، إذا وقع موضوعاً فالمراد به الذات -يعني: الأفراد- وإذا وقع محمولاً فالمراد به المفهوم.

يعني: المعنى الحقيقي الذي يكون ذهنياً.

قلنا: (وقوعُه) يعني: الأوسط.

(محمولاً) في صغرى الأول مثلاً.

(وإن أُريد به) يعني: بالأوسط (المفهوم، لكن ليس المراد أن ذات الموضوع عينُ المفهوم).

(ليس المراد أن ذات الموضوع) يعني: أفراد الأصغر (عين المفهوم) للأوسط.

(بل أنه يصدُق عليه المفهوم) يعني: المراد به الأفراد ولا شك أنه إذا أُريد به الأفراد لا ينفك عنه المفهوم كُلّياً .. متباينان لا، الأفراد يصدُق عليه المفهوم.

الإنسان حيوان ناطق، إذا اعتبرت الإنسان أنه محمولاً، فالمفهوم هو الحيوان الناطق، وإذا اعتبرتَه أفراداً فحينئذٍ الأفراد هذه لم تنفك عن المعنى، بل يصدُق عليها. هذا المراد هنا.

ولذلك قلنا: العالم متغيِّر. أدخلتَ العالم، فحكمت عليه بأنه متغيِّر، ثم صار العالم متغيِّر داخلاً في كل متغيِّر، صار فرداً من أفراده.

فيصدُق عليه المفهوم كما يصدُق عليه الذات، فحينئذٍ لا انفكاك.

قال: (قلنا: وقوعُه محمولاً) يعني: الأوسط محمولاً في الصغرى .. الأول مثلاً.

(وإن أُريد به المفهوم) لا نخالِف في هذا. ما دام أنه وقع محمولاً فالمراد به المفهوم.

(لكن ليس المراد أن ذات الموضوع) إذا جُعل موضوعاً (عين المفهوم) للأوسط.

(بل أنه يصدُق عليه) أي: أن ذات الموضوع وأفراده يصدق عليها المفهوم للأوسط، فيتكرر الأوسط في جميع الأشكال لأنه بمنزلة أن يقال: ذات الأصغر يصدُق عليه مفهوم الأوسط، وكلُّ ما يصدُق عليه مفهوم الأوسط يثبُت له الأكبر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015