قال: (سواءٌ تعلَّق بالفضائِل أم بالفواضل) هذا بيانٌ لمتعلَّق الحمد.
تصريحٌ بمتعلَّق الحمد، وإلا فالتعريف تصويرٌ لماهيّة المحدود لا بيانُ عمومه، فيكون هذا خارجاً عن التعريف، وسواء هنا بمعنى الاستواء.
(سواءٌ تعلَّق بالفضائل) تعلَّق ما هو الذي تعلّق؟ الثناء.
(سواءٌ تعلَّق) الثناء على الوجه المذكور السابق بالقيود السابقة (بالفضائل).
قال هنا: أي وقعَ الثناء على جميلٍ من الفضائل، وقوله: الفضائل جمع فضيلة أي: الصفة التي يتوقف إثباتُها للمتصف بها على ظهور أثرها في غيره.
هي التي لا يتوقف إثباتها للمتصف بها على ظهور أثرها في غيره كالعلم والتقوى؛ فإنها لازمةٌ في الأصل، هذه غير متعدية، ولذلك قال: لا يتوقف.
(أم بالفواضِل) جمع فضيلة أي: الصفة التي يتوقف "عكس السابقة" إثباتُها لموصوفها على ظهور أثرها في غيره كالشجاعة، الشجاعة هذه ما يكون شجاع وهو في بيته أغلق الباب، لو ادَّعى الشجاعة ما يُقبل منه؛ لأنه لا بد من دليل. هذه دعوى فلا بد أن يثبتها بالقول أو بالفعل.
قال: (كالشجاعة والكرم والعفو والحِلم) هذه كلها صفاتٌ متعدية.
إذاً: (الفضائل) المزايا الغير متعدية كالعلم والقدرة، (والفواضل) عكسها: المزايا المتعدية.
بمعنى أن النسبة إلى الغير مأخوذةٌ في مفهومها كالإنعام.
إذاً: عرَّف المصنف الحمد هنا -الحمد اللغوي- بقوله: (الثناء باللسان على الجميل الاختياري) إلى هنا انتهى الحد.
(على جهة التبجيل والتعظيم) هذا قلنا ليس من ماهيِّة الحمد، وإنما هو بيان شرطٍ إما للاعتداد به أو لتحقُّقه.
(سواءٌ تعلَّق .. ) إلى آخره، هذا بيانٌ وتصريحٌ بمتعلَّق الحمد.
وسواءٌ هنا قيل مرفوعٌ على الخبرية للفعل المذكور بعده، كأنه قال: تعلُّقُه بالفضائل وتعلقه بالفواضل سواءٌ، وهو خبرٌ مُقدَّم وما بعده ..
قال هنا: (وابتدأ ثانياً بالحمد لما مرَّ).
ما هو الذي مر؟ ابتداءً بالقرآن وعملاً بالحديث .. السنة، جمَع بينهما.
(وجمع بين الابتدائين عملاً بالروايتين السابقتين).
جمعَ المصنِّف بين الابتدائين. يعني: ابتدأ بالبسملة وابتدأ بالحمدلة. لماذا؟
(عملاً بالروايتين السابقتين) يعني: الجمع بين الحديثين أولى من أن يَعمَل بأحدهما ويَهجُر الآخر.
(وإشارةً إلى أنه لا تعارض بينهما) نعم لا تعارض بينهما؛ لأنه متى ما أمكن .. هذا بناءً على التسليم بصحة الحديث وإلا ما جاء في القرآن يكفي ((بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ)) [الفاتحة:1 - 2] وجرى على ذلك أهل العلم وهو محل إجماعٍ عملي.
ولذلك ذكر ابن حجر في الفتح قال: وقد استقر عمل الأئمة المصنِّفين على افتتاح كتب العلم بالتسمية، وهذا محل وفاق ولا إشكال فيه، لكن الكلام في الحديث.
قال: (وإشارةً إلى أنه لا تعارض بينهما) يعني: بين الحديثين.
(إذْ) للتعليل (الابتداء نوعان: ابتداءٌ حقيقي وابتداءٌ إضافي).
ابتداءٌ حقيقي هو الذي لم يُسبَق بشيء البتة ولا حرف. (بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ) هل سبقه شيء؟ لا.