الأصل كل إنسان حيوان، نقيضه: كل لا حيوان لا إنسان.
حصل التبديل بالتقديم والتأخير، والموضوع صار محمولاً والمحمول صار موضوعاً، مع إدخاله حرف السلب عليه صار نقيضاً. لا حيوان نقيضُه: حيوان، وحيوان نقيضه: لا حيوان، وإنسان نقيضُه: لا إنسان، ولا إنسان نقيضُه: إنسان. كما مر معنا زوج وليس بزوج.
(في عكس كل إنسان حيوان) هذا هو المشهور.
(وذهب السعد إلى أن التناقض لا يجري في المفردات) لا يقع، القول الأول: أنه يقع لكن لا يتعرضون له في باب التناقض لأنه ليس من مباحثهم في المفردات وإنما في القضايا.
(وذهب السعد إلى أن التناقض لا يجري في المفردات، بل هو مختصٌ بالقضايا، وأيَّد قولَه بأن المتناقضين هما المفهومان الممتنعان لذاتيهما، ولا تمانُع بين التصورات) وإنما التمانع يقع بين التصديقات، حينئذٍ زيد .. مفهوم زيد .. مفهوم لا زيدٌ. هذا ليس بينهما مُمانَعة؛ لأن الممانعة والمعارضة إنما تقع فيما يُحكم عليه، وهنا ليس عندنا حُكمٌ وإنما عندنا مفهومٌ فقط، والمفهوم لا يُمانِع المفهوم.
قال: (ولا تمانُع بين التصورات، وإنَّ مفهومي إنسان ولا إنسان، لا يتمانعان إلا إذا اعتُبر ثبوتُهما لشيءٍ، فلا يُتصور ورود سلبٍ وإيجابٍ إلا على نسبة).
إذا اعتُبر ثبوتُهما لشيء -إنسان لا إنسان- قلنا بحدِّ ذاته لا يكون تناقضاً على كلام السعد، إلا إذا اعتُبر ثبوتُه لشيء آخر، حينئذٍ نقول: الحيوان إنسان أو الإنسان حيوان. إذاً: حصل تصديق فخرج عن كونه مفرداً، فصار قضية فلا إشكال في كونه يقع التناقض بينهما.
إذاً: قوله: (اخْتِلاَفُ قَضِيَّتَينِ) نص على القضيتين لأن بحثَ المنْطِقي في القضايا ولا بحث له في المفردات، سواءٌ قلنا بأن المفردين بينهم تعارُض –تناقض- أو لا، على القولين.
ولذلك قال: (خرج به اختلافُ مفردين، وخرج به اختلاف قضية ومفرد) نحو: زيدٌ وقام عمروٌ.
زيدٌ هذا مفرد، القضية: قام عمروٌ، اختلفا أو لا؟ اختلفا، هذا من قبيل التصور وهذا من قبيل التصديق، بينهما مخالَفة أو لا؟ بينهما مخالفة.
هل يسمى تناقض؟ الجواب: لا. لا يسمى تناقضاً.
(خرج به اختلاف مفردين، وخرج به اختلاف قضية ومفرد).
(بِالْإِيجَابِ وَالسَّلْبِ) الاختلاف بالإيجاب، جار ومجرور متعلق بقوله: اختلاف .. اختلافٌ بالإيجاب والسلب.
(خرج به الاختلاف بغير الإيجاب والسلب، كما لو اختلفت القضيتين بالاتصال والانفصال، بأن تكون إحدى القضيتين متصلة كـ: إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود، والأخرى منفصلة كالعدد إما زوج أو فرد) اختلفتا أو لا؟ اختلفتا، لكن لا بالسلب والإيجاب، إنما بالاتصال والانفصال. إحدى القضيتين متصلة والقضية الأخرى منفصلة، حينئذٍ وقع بينهما اختلاف لكن لا يسمى تناقضاً.
(وبالكلية والجزئية) كل إنسانٍ حيوان، وبعض الإنسان حيوان. اختلفتا، فحينئذٍ لا نقول بأن هذا الاختلاف يسمى تناقضاً في اصطلاح المناطقة.
(وبالعدول والتحصيل) كقولنا: زيدٌ لا حجَر. بِجَعل حرف السلب جزءاً من المحمول إذا اختلف مع مقابله لا يكون تناقضاً.