الحيوان جنس. الحيوان له لفظٌ وله مفهوم وهو المدرِك .. إلى آخره.
وله أفراد: فرس .. إلى آخره.
حينئذٍ الذي ثضبت له أنه جنس ما هو: اللفظ أو المفهوم أو الأفراد؟ المفهوم، هذه تسمى طبيعية، فأُخذت الطبيعة التي هي الحقيقة وجُعل المحمول منصبّاً عليها لا على الأفراد، وإلا لو قلتَ: الحيوان جنسٌ. الإنسان جنس، والبغل جنس صحَّ؟ ما يصح هذا.
لو قلت: الإنسان نوعٌ. زيدٌ نوع، بكرٌ نوعٌ؟ ما صح. إذاً: لا يكون على الأفراد وإنما يكون على المفهوم.
هذه تسمى طبيعية يعني: نسبة إلى الطبيعة.
قال: (وهي قضية قد أُخذت الطبيعةُ أي: الحقيقةُ فيها من حيث إنها شيءٌ واحد بالوحدة الذهنية، فيصدُق عليها بهذا الاعتبار ما لا يتعدى إلى أفرادها كالنوعية مثلاً في قولنا: الإنسان نوعٌ) الإنسان نوعٌ صدَق النوع هنا الحمل على مفهوم الإنسان الذي هو حيوان ناطق، أما أفراده فلا؛ لأنه يكون غلطاً، أفراده زيدٌ وعمرو وبكر، هذه أشخاص جزئيات وليست بأنواع.
(الإنسان نوعٌ. ولذلك لا يصح الحُكم عليها بالتعميم والتخصيص، بل هي شخصية.
وأما المهملة فقد أُخذت الحقيقةُ فيها من حيث هي هي بلا زيادة شرطٍ، فيصلُح الحكم الصادق عليها بهذا الاعتبار للتخصيص والتعميم).
المهملة يدخل فيها التعميم بخلاف الطبيعية.
(أي: الكُلّيّة والجزئية، فقد ظهر الفرق بين الطبيعية والمهملة، وإنما سُمّيت بذلك لكون الحكم إنما وقع على طبيعة الكل أي: ماهيتِه لا على ما صدق عليه).
ولذلك قال هنا: (من الفوارق: موضوعُ الطبيعية يتحقق بتحقق فردٍ ما وينتفي بانتفاء جميع الأفراد.
وموضوعُ المهملة يتحقق بتحقق فردٍ ما وينتفي بانتفائه فقط لا بجميع الأفراد).
فرق ثالث وهو أوضح: (موضوع الطبيعية ليس بموجود في الخارج) وإنما هو ذهني.
(والقضية المعقودة منه لا تكون إلا ذهنية) الإنسان نوعٌ .. كلُّه في الذهن، ليس له وجود في الخارج.
(وموضوع المهملة موجودٌ في الخارج، والقضية المعقودة منه تكون خارجية) إذاً: هذا من أبرز الفوارق بين النوعين.
قال هنا: (وزاد بعضُهم قسماً رابعاً يسمى الطبيعية وهي -أي: الطبيعية-: التي) أي: القضية.
(التي) هذا جنس شمل الأقسام الخمسة.
(لم يبيَّن فيها كميةُ الأفراد لعدم صلاحيتها لذلك).
قال: (ولم تصلح لأن تصدق كُلّيّة ولا جزئية) ولذلك مر معنا أنه لا تصلح للتخصيص ولا للتعميم بخلاف المهملة.
يعني: الطبيعية لا تصلح أن تفسَّر بالكُلّيّة ولا بالجزئية بخلاف المهملة فيصح؛ لأنها في قوة الجزئية، هذا المراد بأنها لم تصلح.
فقوله: (ولم تصلح) عطفُ لازمٍ على ملزومٍ وهو معنى القول السابق: لا يصح الحُكم عليها بالتخصيص والتعميم.
إذاً: (لم يبيَّن فيها كميةُ الأفراد.
ولم تصلح لأن تصدق كُلّيّة ولا جزئية كقولنا: الحيوان جنس والإنسان نوعٌ).
قال العطار: المحكومُ عليه حقيقةُ الحيوان) الحيوان جنس.
(المحكوم عليه حقيقة الحيوان لا أفرادُه) أي: الجسم النامي الحساس لا أفراده؛ لأن أفرادَه ليست أجناساً بل أنواع: الإنسان، والفرس .. إلى آخره، أنواع وليست بأجناس فتكون كاذبة.