لماذا ذُكِرت الشخصية؟ سيأتي أنه قد تأتي أحياناً طرفاً في بعض أقيسة الشكل الأول.
بقي الطبيعية، الطبيعية هذه لا تُذكر أصلاً ولا تُجعل قسماً، لذلك لم يجعلها؛ لكونها لا تُستعمل في العلوم .. إما الحكمية أو العلوم على جهة العموم لا إشكال فيه، هذا أو ذاك.
قال: (إذاً: صارت القضايا المعتبرة هي المحصورات الأربعة.
قال الجرجاني: إن الشخصيات لا تعتبر في العلوم، وسبق أن الجزئي لا يُبحث عنه في الفن أصلاً) وإنما يبحث عنه استطراداً، مر معنا أن الأصل تقسيم المفرد إلى كُلّي وجزئي، أن المراد هو الكلِّي والجزئي هذا من باب الاستطراد.
(وحينئذٍ فاعتبار الشخصية مبنيٌ على ظاهر الحال بناءً على وقوعها كبرى القياس، وهذا القدر كافٍ في ذكر الشخصية دون الطبيعية في التقسيم) لأنه ذُكر الشخصية إما مخصوصة وإما كُلّيّة، لماذا ذَكر المخصوصة؟ لأنها قد تأتي فرعاً في بعض أنواع الأقيسة، ولذلك قال: (ولهذا اعتُبرت الشخصية في كبرى الشكل الأول نحو: هذا زيدٌ وزيدٌ إنسان) لكن هذا ليس على جهة التأصيل وإنما على جهة التفريع.
(ولهذا) تعليل لأي شيء؟ تعليل لِذِكر الشخصية في هذا الموضع، مقابلة للكُلّيّة.
ثم كونها في حكم الكُلّيّة؛ لهذا الأمر .. هذا تعليل.
(اعتُبرت الشخصية) صارت معتبرة (في كبرى الشكل الأول نحو: هذا زيدٌ وزيدٌ إنسان) انظر هنا زيدٌ هذا الحد الأوسط جاء مكرراً، محمولاً في الصغرى موضوعاً في الكبرى، هذا يسمى الشكل الأول.
قال: (وزاد بعضهم قسماً رابعاً).
(وزاد بعضهم) يعني: بعض المناطقة.
(قسماً رابعاً) أو خامساً؟
قال: هذا باعتبار عدِّ المحصورة بقسميها قسماً واحداً وإلا فهذا خامس في الأصل. هذا خامس يُعتبر.
(وزاد بعضهم قسماً رابعاً يسمى الطبيعية) لكنها لا تُذكَر في التقسيم، وزادها بعضهم بناءً على الإتمام فقط يعني: استطراداً، أما ما عليه العمل فلا.
(الطبيعية) قال هنا: (وهي قضيةٌ قد أُخذت الطبيعة أي: الحقيقةُ فيها من حيث إنها شيءٌ واحد بالوحدة الذهنية، فيصدُق عليها بهذا الاعتبار ما لا يتعدى إلى أفرادها كالنوعية مثلاً).
يعني: إذا قيل: الموضوع والمحمول، القاعدة هنا؛ لأنه سيأتي عكسُه في التناقض أو في العكس.
القاعدة هنا: أنه إذا قيل: موضوعٌ ومحمول، أنه يُحمل "الحمل الذي هو الإسناد" يُحمل مفهوم المحمول على أفراد الموضوع.
يعني: الموضوع قد يكون له مفهوم، وقد يكون له أفراد.
"الإنسان كاتبٌ" الإنسان موضوع، وكاتب هذا محمول. كيف يكون الحمل في باب المنْطِق -وعام يعني-؟
حينئذٍ نقول: مفهوم كاتب وهو ثبوت الكتابة، يَثبت لأي شيء؟ عندنا إنسان، الإنسان له ثلاث جهات: إنسان لفظ أو اسم، إنسان له مفهوم وهو حيوانٌ ناطق، إنسان له أفراد.
اللفظ يُنطَق، والمفهوم اعتبارٌ ذهني؛ لأنه ما يقبل الاشتراك، بقي الأفراد وهي في الخارج.
ثبوتُ الكتابة لأي شيء: للفظي، أو للمفهوم، أو للأفراد؟ للأفراد.
هنا في الطبيعية الحُكم للمفهوم لا للأفراد، إذا قلت مثلاً: الحيوان جنس. الحيوان هذا موضوع، وجنسٌ مر معنا: ما يقع في جواب ما هو .. إلى آخره.
الحيوان جنس، جنس هذا محمول، بمفهومه الذي هو المعنى الجنسي السابق الذي مر معنا الحد، هو نوعٌ من الكُلِّيّات.