(والثانية سالبةٌ كقولنا: ليس إما أن يكون هذا الإنسان أسوداً أو كاتباً، فقد حُكم بنفي التنافي بين كونه أسوداً وكونه كاتباً) يعني: لا منافاة بينهما، فيكون أسود كاتب يجتمعان.

(فيجوز كونه أسود مع كونه كاتباً).

لو قلتَ: إما أن يكون هذا الإنسانُ أسوداً أو كاتباً، هذا تنافي .. من باب التسليم، لو نفيته نفيتَ التنافي.

لو قلت فقط: إما أن يكون هذا الإنسان أسوداً أو كاتباً، هو لا تصح، لكن كمثال: إما أن يكون هذا الإنسان أسود أو كاتب. نقول: هذه بينهما عناد .. تنافي، نفيته بقولك: ليس؛ إذ نفيُ النفي إثباتٌ، فحينئذٍ يمكن الاجتماع، ويمكن الارتفاع؟ يمكن نعم، يكون أبيض لا كاتب، ويجتمعان كذلك.

قال هنا: (وسُمِّيت شرطيةً) يعني: المنفصلة.

(تجوّزاً؛ إذ لا شرط فيها) ليس فيها شرط.

(وهذا باعتبار حال التسمية، وأما الآن فقد صار حقيقة عرفية.

وسُمّيت شرطية تجوزاً لوجود الربط الواقع بين طرفيها بالعناد).

الربط المراد به هنا: قال: بيان لعلاقة المجاز وأنها المشابَهة أو الإطلاق والتقييد.

(وسُمِّيت شرطية تجوزاً) من باب المجاز.

(لوجود الربط) هذا بيان علاقة المجاز.

(الربط الواقع بين طرفيها) المقدَّم والتالي.

(بالعناد) أي: التنافي، صلة الربط.

(ومنفصلة) يعني: سُمّيت منفصلة لماذا؟

(لوجود حرف الانفصال فيها) وهو إما، العدد إما زوجٌ وإما فردٌ، ليس إما أن يكون هذا الإنسان أسود أو كاتباً، فإما هذه هي حرف الانفصال، لكن ليس كلما رأيتَها حينئذٍ تكون منفصلة كما مر في: رأيتُ إما زيدٌ وإما عمروٌ.

(وهو إما الذي صيّر القضيتين قضيةً واحدة) العدد زوجٌ، العدد فردٌ. قضيتان صيَّره قضيةً واحدة.

قال رحمه الله تعالى: (وللقضية ثلاثة أجزاء).

إذاً: عرَّف لنا القضية: (قَوْلٌ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِقَائِلهِ إِنَّهُ صَادِقٌ فِيهِ أَوْ كَاذِبٌ) وعرفنا المراد به.

ثم قسَّم القضية إلى حملية وشرطية، وبيَّنا المراد بكلٍ منهما.

ثم قسَّم الشرطية إلى متصلة ومنفصلة.

الآن رجع إلى تأسيس مسألة .. تقعيد قاعدة وهي: بيان أجزاء القضية.

(وللقضية) مطلقاً يعني: لا باعتبار كونها حملية فقط ولا باعتبار كونها شرطية فقط، بل مطلقاً.

(وللقضية ثلاثة أجزاء) أجزاء يعني: مقابِل للركن، (وَالرُّكْنُ جُزْءُ الذَّاتِ) إذاً: مقابل للركن.

يعني: انتفاءُ جزءٍ انتفى معه القضية.

(وللقضية ثلاثة أجزاء) يعني: تتألف وتتركب من ثلاثة أجزاء، فهي أركانٌ فيها.

(فَالجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنَ الحَمْلِيَّةِ يُسَمَّى مَوْضُوعًا) لا بد منه.

(والجزء الثاني: محمولاً.

والثالث: النسبة) إذاً: لا بد منها.

زيدٌ كاتبٌ قلنا في باب التصورات أنه يُدرَك الموضوع أولاً تصور زيد، إذاً: هذا جزءٌ وهو موضوع، الكاتب هذا محمول. إذاً: جزءٌ ثاني لا بد منه في القضية.

كذلك النسبة بينهما: الربط والتعلق والعلاقة، قلنا: هذا لا بد منه.

إذاً: هذه ثلاثة أركان.

(فَالجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنَ الحَمْلِيَّةِ يُسَمَّى مَوْضُوعًا).

موضوع اسم مفعول من وضِع قال: (لأنه) أي: هذا الجزء الأول الذي سُمّي موضوعاً.

(لأنه وُضع) أي: ذُكر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015