قال هنا: (وأُجيب بمنعِ الحصْر).
قال: (أعني قولَه: لأن الخارج إنما يُعرِّف) هذا حصْر.
وأُجيب بمنع الحصر) المذكور (أعني قولَه: لأن الخارج إنما يُعرِّف .. إلى آخره.
وقوله: لجواز. هذا مستنَدٌ لذلك المنع.
وحاصلُه: أن التعريف إنما يتوقف على وجود الاختصاص في نفس الأمر لا على العِلم به).
الاختصاص واللزوم الذي يتعلق بالخاصة أن يكون ملازماً له في نفس الأمر -في الواقع- لا على العلم به. واضح هذا الفرق بينهما.
(أن تكون الخاصة لازمةٌ في نفس الأمر، لا على العلم به) فرقٌ بين مسألتين.
(سلَّمنا توقُّفَه على العلم باختصاصه بها، الموقوفِ على معرفتها ومعرفة غيرها، لكن لا دورَ؛ لأنه يكفي في ذلك الشعورُ من وجهٍ كما نرى جِرْماً في حيّزٍ فنعلم اختصاصه به، وسلبُ ذلك الحيّز عن غيره من الأجْرَام وإن لم نعلم منه ومن غيره إلا الجِرْمِية).
يعني: لو رأيت في حَيّز ما، رأيت جِرماً لا تدري ما حقيقة الجرم، حينئذٍ تعرِف اختصاصه به كيف؟ يحصل عندك شعور بأن هذا الحيّز الذي أخذَه الجرم إنما هو مختصٌ به، وتنفيه عما عداه؛ لأنك لا تدرك بالبصر إلا هذا.
حينئذٍ نقول: هذا الجِرم هل يُدرَك منه شيءٌ غير ذلك؟ الجواب: لا. هذا الذي يُعنى هنا.
قال: (وأُجيب بمنع الحصر المذكور لجواز أن يكون بين الشيء ولازمه ملازمةٌ بيِّنة) مر معنا أن اللازم نوعان: بيّنٌ وغير بيّن، والبيّن أعم وأخص.
اللازم البيّن هو الذي لا يحتاج إلى دليل، إذاً: قد يكون بين اللازم والملزوم ما لا يحتاج إلى دليل ولا إشكال فيه.
(أن يكون بين الشيء ولازمِه ملازمةٌ بيّنة؛ بحيث ينتقل الذهن منه إليه).
(منه) أي: من اللازم.
(إليه) أي: الشيء الملزوم.
(لتحقق اختصاصه به في الواقع وإن لم يُعرَف).
هذا قلنا: فرقٌ بين العلم بكون الشيء لازماً في نفس الأمر، أو على -تعبير صحيح-: بكون الشيء لازماً في نفس الأمر وبين العلم به.
والذي ينبغي اعتباره هنا: كونُه في نفس الأمر، وأما العلم به فهذا شيءٌ أشبه ما يسمى بالشعوري وهو انتقال من شيءٍ إلى شيءٍ آخر فقط على مدار الملازمة البيّنة التي لا تحتاج إلى دليل.
قال: (وبما تقرر -ما سبق- عُلِم أن التعريف لا يكون بغير القول).
ولذلك قال قول .. أليس كذلك؟ الحد التام هو القول الدال، قلنا أراد به التعريف اللفظي.
إذاً: القول احترز به عن الإشارة والكتابة، فلا يكون الحد بها البتة. وهو كذلك.
وأما الألفاظ التي تُكتب، قلنا النقوش هذه دالة على الألفاظ، والألفاظ دالةٌ على المعاني فلا إشكال فيه.
قال: (وبما تقرر عُلم -أي: في مبحثي الكُلِّيّات والمعرِّفات-: أن التعريف لا يكون بغير القول كالإشارة والخط).
ثم أخذ في بيان الحُجة ومقدماتِها مبتَدِءً بمقدماتها فقال: (الْقَضَايَا).
بهذا البحث "المعرِّفات" نكون قد انتهينا من نصف العلم.
العلم نوعان: تصور وتصديق، التصور قلنا: له مبادئ وهو الكُلِّيّات الخمس، ومقاصد وهو القول الشارح. انتهينا منهما .. الكُلِّيّات الخمس والقول الشارح.
نشرع إن شاء الله تعالى في علم التصديقات "القسم الثاني" علم التصديقات الذي كذلك يتألف من مبادئ ومقاصد.
مبادئ علم التصديقات: القضايا وأحكامُها يعني: وما يتعلق بها.