حد الحد ما حقيقته التي تكون في الذهن .. المعنى الكلِّي؟ ما تستلزم معرفتُه معرفتَه.

إذاً: نحن نعرّف التعريف باعتبار المصدوق، وهذا يصدق على تعريف الفاعل إلى ما لا نهاية، هل نعرّف الفاعل وو .. إلى آخره في تعريفٍ واحد، أم نأتي بالمفهومات فقط الذي هو مفهوم المعرِّف؟ الثاني.

حينئذٍ الثاني هذا لا يحتاج إلى تعريف.

قال: (إن أُريد به مصدوقُه فالتسلسل إنما يلزم لو كان يُعرَّف) ولا يُعرَّف، إنما نعرّف الحد والتعريف باعتبار مفهومه العام الذي هو المعنى الكلِّي يكون في الذهن، لا باعتبار المصدوق، هذا لا يمكن تعريفُه باعتبار المصدوقات؛ لأنه يحتاج ماذا؟ كل ما يمكن تعريفه تأتي به.

(ولكن ليس هو الذي يُعنَى بالتعريف، وإن أُريد مفهومُه) وهو مقصودنا هنا (فلا شك أنه لا يلزم تسلسلٌ في تعريفه كما لا يلزم في سائر المفهومات).

إذاً: التسلسل ليس بوارد من أصله.

قال رحمه الله تعالى: (وَالحَدُّ النَّاقِصُ) هذا النوع الثاني.

(وَالحَدُّ النَّاقِصُ: وَهْوَ الَّذِي يَتَرَكَّبُ مِنْ جِنْسِ الشَّيْءِ الْبَعِيدِ وَفَصْلِهِ الْقَرِيبِ.

كَالْجِسْمِ النَّاطِقِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِنْسَانِ).

(الحدُّ) هذا مبتدأ، (الناقص) هذا نعت .. صفة، (الحد الناقص) مبتدأ، الخبر؟

(وَالحَدُّ النَّاقِصُ، كَالْجِسْمِ النَّاطِقِ).

(وَهْوَ الَّذِي يَتَرَكَّبُ مِنْ جِنْسِ الشَّيْءِ الْبَعِيدِ وَفَصْلِهِ الْقَرِيبِ) هذه جملة معترِضة، ولذلك وقفتُ مع إعرابها؛ لأنها قد تلتبس.

إذاً: (كَالْجِسْمِ) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، (وَالحَدُّ النَّاقِصُ. كَالْجِسْمِ النَّاطِقِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِنْسَانِ).

وقوله: (وَهْوَ الَّذِي يَتَرَكَّبُ .. ) إلى آخره. جملة اعتراضية بيَّن بها حال المبتدأ.

هناك قال: الحد وسكت، وهنا قال: الناقص، فاحتاج أن يبيِّن، ولذلك جاءت هذه الجملة الاعتراضية.

فقوله: (وَهْوَ الَّذِي يَتَرَكَّبُ) هذا أراد أن يبيّن به الناقص.

(وَهْوَ) يعني: القول.

(الَّذِي) هذا جنس شامل كل معرِّف.

(يَتَرَكَّبُ) إذاً: التركيب .. كالسابق يعني.

(مِنْ جِنْسِ الشَّيْءِ) المعرَّف.

(الْبَعِيدِ) لا القريب ولا المتوسط، وقيل يدخل المتوسط هنا؛ لأنه أراد بالبعيد مقابل القريب، فيحتمل حينئذٍ .. الاحتمال وارد، ولذلك في شرح السلَّم على هذا يجرون.

(وَفَصْلِهِ) أي: المعرَّف.

(الْقَرِيبِ. كَالْجِسْمِ النَّاطِقِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِنْسَانِ).

إذا قيل: ما الإنسان؟ فقال: الجسم الناطق.

هنا ماذا جاء، ركَّب الحد هنا من ماذا؟ الجسم وهو جنس، لكنه جنسٌ بعيد؛ لأن تحته الجسم النامي، وتحته الحيوان. إذاً: هو جسمٌ بعيد.

(النَّاطِقِ) هذا فصلٌ قريب.

قال: (أما كونه حداً فلِما مر) ما هو الذي مر؟ أنه في اللغة بمعنى المنع، فهو مانعٌ من الدخول ومن الخروج على ما سبق، هذا (أما كونُه حداً فلِما مر)، (وأما كونُه ناقصاً فلعدم ذكر جميع الذاتيات فيه).

هذا التعبير تأخذ به وتؤكِّد هناك على أن معنى ماهيّة الشيء -أي: حقيقته الذاتية- المراد بها جميع الذاتيات، حينئذٍ قولُه: فخرج الرسم تقول: (وَالحَدُّ النَّاقِصُ) يتأكد ما مضى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015