الذي عنده مِسكة عقل يفهم أن إثبات السمع والبصر لا يستلزم المماثلة، ثم نحمل هذه القاعدة على جميع القرآن من أوله إلى آخره وأحاديث الصفات. لا إشكال فيه، الذي سلِمت نفسه وكانت على الفطرة ما عنده أي إشكال، ولذلك نقول: عدم سؤال الصحابة لا لكونهم جهلوا ففوَّضوا كما يدَّعيه من يدَّعي، وإنما نقول: لكونهم علموا وفهموا المراد، وعرفوا أن إدراك الكُنه لمثل هذه المسائل مما لا يُسأل عنه، فتأدبوا مع الله تعالى ومع رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يسألوا عن حرفٍ واحد.

قال هنا: (بمعنى: أن حد الحد من حيث إنه حدٌ).

يقول العطار: (حد الحد هذا تصويرٌ لكون حد الحد نفس الحد، ومعناه: أن حد الحد بقطع النظر عن عروض الإضافة).

"حد الحد بقطع النظر عن الإضافة" عندنا مضاف ومضاف إليه هنا.

(حد الحد بقطع النظر عن عروض الإضافة داخلٌ في مفهوم الحد، فهو من هذه الحيثية صادقٌ على نفسه وصادقٌ على غيره.

كصِدْق قولنا في تعريف الخبر: هو ما احتمل الصدق والكذب).

ما هو الخبر؟ ما احتمل الصدق والكذب.

طيب. جملة: ما احتمل الصدق والكذب؟ هو عينُه المذكور .. واضحة لا تحتاج إلى تعريف. ما احتمل الصدق والكذب، طيب: "جملة ما احتمل الصدق والكذب"؟ هذه داخلة لا نحتاج إليها بل هي هي عينُها، ولذلك قال: (داخلٌ في مفهوم الحد) فهذه الجملة "ما احتمل الصدق والكذب" داخلةٌ في هذا الحد، هي نفس الحد لا نحتاج إلى شيءٍ خارجٍ عنها.

(صادقٌ على نفسه كصدق قولنا في تعريف الخبر: هو ما احتمل الصدق والكذب على هذه الجملة، وله نظائر كثيرة.

وليس معناه: أن حد الحد فردٌ من أفراد مطلق الحد) وهو الذي ذكره فيما سبق أي: حدٌ فهو فردٌ جزئي، هذا ذكره المحشي، وإن سكتنا عنه لأنه مما يسوغ فيه الخلاف هذه المسألة، ليس فيها تحديد.

(وليس معناه: أن حد الحد فردٌ من أفراد مطلق الحد كما فهمه البعض، فإنه ذهولٌ عن قول الشارح من حيث إنه حدٌ، فإن هذه حيثيةُ إطلاق.

وأما كونه فرداً فإنما هو باعتبار عروض الإضافة، والنظر مقطوعٌ عنها من هذه الحيثية، ولذلك قال الشارح بعد ذلك: وإن امتاز عنه بإضافته إليه) يعني: انفصل عنه.

(فأما ما قيل: إنه مندرجٌ في الحدِّ أي: فيما يُطلق عليه اللفظُ، بمعنى: أن هذا اللفظ كما يُطلق على نفس الحد يُطلق على حده فتكلُّفٌ يأباه لفظ الاندراج، فإنه يكون في الأمور الكُلّيّة لا في الاصطلاحات أو الإطلاقات اللفظية).

قال بعضهم بعد تقرير السؤال والجواب عن هذه المسألة التي ذكرناها وتحتاج إلى تأمل منكم.

(قال بعضهم بعد تقرير السؤال والجواب المذكورين في الشرح: إن هذا لا يتخيل ورودَه من له أدنى شعور).

هذه من الفلسفة، ومن التدقيقات التي قد لا يفهمُها صاحبُها.

قال: (لأن حد الحد إن أُريد به مصدوقُه فالتسلسل إنما يلزم لو كان يُعرَّف).

يعني: ما يصدق عليه تعريفات: الإنسان حيوانٌ ناطق. الفاعل اسم مرفوع .. إن كان المقصود؟ هذا ليس مقصوداً، نحن لا نعرِّف الحد باعتبار المصدوقات يعني: الأفراد، ما نقول: الإنسان له أفراد؟ الإنسان حيوان، حيوان ناطق أين وجوده في الذهن؟ له أفراد ومصدوقات؟ له مصدوقات.

إذاً: كل واحد ينطبق عليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015