(الصورة الجنسية) يعني: مدلول لفظ الحيوان (مبهمةٌ في العقل يصح أن تكون أشياء كثيرة) تصدق على الفرس، وعلى البغل .. إلى آخره.

(وهي عينُ كل واحد منها في الوجود، وغير متحصِّلة بنفسها لا تُطابق تمام ماهيتها المتحصلة، فإذا انضاف إليها الصورة الفصلية عيّنَتها وحصّلَتها أي: جعلتها مطابقة للماهية التامة، فهي عِلَّة لرفع الإبهام والتحصيل والعلية بهذا المعنى لا يمكن إنكارُها) ولا إشكال فيه.

على كلٍ الخلاف هنا سمّاه مفسِّراً أو عِلَّة الخلاف لفظي، لكن المراد أن الجنس فيه إبهام، فجاء الفصل كاشفاً معيِّناً. سمِّه عِلَّة، سمه تفسيراً لا إشكال فيه.

قال هنا: (قيل: لا يمكن تعريفُ شيء).

إذاً: المسألة السابقة: يُشترط تقدُّم الجنس على الفصل، هذا هو المشهور.

وقيل: لا يجب. لا يجب في الحد التام، فإذا قلت: "حيوانٌ ناطق، ناطق حيوان" حدٌّ تام، لكن هذا خلاف المشهور.

وقيل: (لا يجب تقديم الجنس، فناطقٌ حيوان حدٌّ تام، إلا أن الأَولى تقديم الأعم لشدته وظهوره. نعم لا بد من تقييد أحدهما بالآخر، حتى يحصِّل صورة مطابقة للمحدود، ولذا قال الشارح: ويُعتبر دون يجب للإشارة إلى أن الوجوب ليس متفقاً عليه) لا، هذا كلام العطار، ويحتمل أنه عبّر بيُعتبَر يعني: يُشترط ورجَّحه.

لماذا تجزم بأنه قال: يُعتبر دون يُشترط؟ نقول: الغالب في استعمال الشُرَّاح والمصنفين أنَّ يعتبر مراداً به الاشتراط، فحملُه على الوجوب خلافُ الظاهر.

ثم نحمل أنه قد رجَّح أنه يُشترط، حينئذٍ لا يصح أن يسمى ناطقٌ حيوان حداً تاماً.

(قيل: لا يمكن تعريف الحد لئلا يلزم التسلسل) تعريف الحد الذي هو السابق، لو قيل: ما الحد؟ ما تستلزم معرفتُه معرفتَه أو امتيازه عنه، هذا التعريف صحيح أم لا؟ قال بعضهم: لا يمكن أن نعرِّف الحد كما قال الجويني وغيره في العِلم، محال عند بعضهم، وبعضهم ضرورة أن يُعرِّف العلم يعني: العلم لا يتعرَّف، لو عرّفته يحتاج إلى تعريف وهكذا.

هنا قيل ما قيل في العلم: أن الحد لا يمكن تعريفه.

قال: (قيل) يعني: قال قائلٌ.

(لا يمكن تعريفُ الحد) قال المحشي: (مثلُه الرسم والمعرِّف والقولُ الشارح، فالأَولى إبدال الحد بالتعريف) هو هذا .. المراد التعريف السابق.

(لئلا يلزم التسلسل) يعني: على تعريف التعريف التسلسل.

كيف بيانُه؟ أنه يلزم من احتياج التعريف لتعريف احتياجُ تعريفِ التعريف لتعريف .. وهكذا إلى ما لا نهاية. وهذا فاسد، الأصل ليس بوارد كما سيأتي.

إذاً: قالوا: لا يمكن تعريفه؛ لأنك لو عرَّفته لاحتاج التعريف إلى تعريف، ولو عرّفت التعريف لاحتاج تعريف التعريف إلى تعريف .. وهكذا، هذا يسمى التسلسل.

(لئلا يلزم التسلسل) قال: (بيانُه: أنه يلزم من احتياج التعريف لتعريف احتياجُ تعريف التعريف لتعريف .. وهكذا إلى غير نهاية).

قال هنا: (وأُجيب) يلزم التسلسل قال العطار هنا: (لأن تعريف الحد حدٌ له، فلو احتاج الحد إلى حد هكذا للزم التسلسل).

(وأُجيب بمنع لزومِه) يعني: التسلسل (بمنع لزومه) يعني: ليس بلازم. لماذا؟

قال: (لأن حد الحد نفسُ الحد) وإذا كان كذلك حينئذٍ كالشاة من الأربعين تُزكِّي نفسَها وغيرَها فلا تحتاج إلى حد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015