إذاً: عرفنا تعريف (الْقَوْلُ الشَّارِحُ) ثم بيّن أقسامَه يعني: أقسامه ليست على جهة التعاريف وإنما على جهة كونها تنقسم إلى أربعة أقسام، فعرفنا أن المعرِّف باللفظ المرادف أو التعريف اللفظي عند المصنف ليس داخلاً في المعرّفات؛ لأنه من قبيل التصديقات.

أما المثال والتقاسيم التي زادها بعضهم، والظاهر على ما ذكره هنا العطار أنها ليست من التصورات.

قال: (وقد أخذ في بيان الأربعة).

(أَخذ) يعني: شَرع المصنف في بيان هذه الأربعة التي هي: الحد التام، والناقص، والرسم التام، والناقص.

فقال: (الحَدُّ: قَوْلٌ دَالٌّ عَلَى مَاهِيَّةِ الشَّيْءِ.

وَهْوَ الَّذِي يَتَرَكَّبُ مِنْ جِنْسِ الشَّيْءِ وَفَصْلِهِ الْقَرِيبَيْنَ.

كَـ: الحَيَوانُ النَّاطِقِ) أو كالحيوانِ الناطق، هذه دائماً تقرأها على الجر لا بأس، وإن شئت قرأتها على الحكاية ولا إشكال فيه، يجوز فيها الوجهان.

الحكاية لا بد أن يكون مذكوراً فيما سبق، هذه مذكورة من أول الكتاب.

(كَالحَيَوانِ النَّاطِقِ بِالنِّسْبةِ إِلَى الْإِنْسَانِ).

(الحَدُّ) هل المراد به الحد التام أو الحد الناقص هنا؟ أطلق المصنف، يكون المراد به الحد التام، كيف عرفنا؟

قال: (وَهْوَ الحَدُّ التَّامُّ) هو نص على ذلك، بعدما قال: (كَالحَيَوانِ النَّاطِقِ بِالنِّسْبةِ إِلَى الْإِنْسَانِ.

وَهْوَ) أي: الذي يتركب مما ذُكر (الحَدُّ التَّامُّ).

إذاً: هذا التعريف خاصٌ بالتام، ولا يدخل فيه الناقص.

(الحَدُّ)، قال: (قَوْلٌ) هذا جنس يشمل الحد التام والحد الناقص، والرسم التام والرسم الناقص؛ لأنه جنس فلا بد أن يكون شاملاً لكل ما يدخل تحت أنواع المعرِّف وأقسامِه.

(قَوْلٌ دَالٌّ) عرفنا المراد بالقول أنه: المراد به المركَّب.

(لفظياً كان أو عقلياً) هذا الأصل فيه، لكن هنا قال: (دَالٌّ) نقيِّدها بـ: المطابَقة.

إذاً: صار القول المراد به القول اللفظي، (دَالٌّ) بالمطابقة.

حينئذٍ كما سيأتي أنه يُختص بالحد اللفظي لا العقلي.

قال: (قَوْلٌ) مركَّبٌ.

(دَالٌّ) أي: بالمطابقة.

يرِد على الحد التام، إذا قيَّدناه بالمطابقة إيرادٌ.

(فإن قلتَ: الدال بالمطابقة لا يكون إلا لفظاً) وهو كذلك: الدال بالمطابقة لا يكون إلا لفظاً (فيلزم أن يكون التعريف للحد اللفظي مع أنه سلَف أن القول يُطلق على الملفوظ والمعقول).

(قَوْلٌ) قلنا يُطلق على المعقول والملفوظ.

(دَالٌّ) قلنا بالمطابقة، هذا فيه شيءٌ من التعارض، القول يشمل المعقول والملفوظ، (دَالٌّ) خاصٌ بالملفوظ.

(فيلزم خروج القول المعقول، فلا يكون الحد المعقول داخلاً في التعريف مع وجوب شموله له).

إذاً: الحد يكون له لفظ، ويكون له معقول. إذاً: له جهتان:

الذي نعنيه هنا هل هو الحد اللفظي دون المعقول، أو المعقول دون اللفظي، أو هما؟

يجب أن يكون الحد شاملاً لمعنييه: الملفوظ والمعقول، جاء بجنس الذي هو القول شمِل النوعين، جاء بفصلٍ أخرج المعقول.

إذاً: وقع شيءٌ من التعارض.

الجواب: (إنما تعرّضوا للحد اللفظي؛ لأن الحدود إنما تُذكر للجاهل بحقيقة الشيء، فلا بد من اللفظ حينئذٍ ضرورة الإفهام والتفهيم).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015