فيُستعمل في معنييه؛ لأنك لو تأملت التفرقة بين المعنيين هذه تفرقة اعتبارية، خطُورُهُ بالبال بعد أن لم يكن، إذاً: حصل فيه انكشاف، وإن كان في الأول رَفعَ به جهلاً، والثاني لم يرفع به جهلاً وإنما كشف الغفلة التي عمَّت على الشيء المعلوم عنده.

يعلمه هو، لم يكن جاهلاً به، لكنه مثلاً نسيه أو غفل عنه، فيأتي هذا المعرِّف فيرفع عنه ذلك الشأن.

إذاً: بينهما فرقٌ اعتباريٌ فقط وإلا متقاربان.

قال: (والأحسن الجواب بمنع الاشتراك والحقيقة والمجاز، والمصير إلى ما اختاره البعض من إطلاق المعرفة على المعنيين من قبيل المتواطئ).

ومر معنا المتواطئ، هو نوعٌ من أنواع الكلِّي.

قلنا ينقسم الكلِّي إلى قسمين باعتبار استواء أفرادِه في معناه وعدمها، فإن استوى الأفراد في المعنى فهو المتواطئ، وإن اختلفا بالشدة أو التقدُّم قلنا هذا المشكِّك.

جعَلَه هنا العطّار من قبيل المتواطئ.

(فهي بمعنى تصور الشيء الذي هو قدرٌ مشترَك بين ما كان عن جهلٍ أو غفلة).

يقول: (من قبيل المتواطئ فهي بمعنى تصور الشيء) إذاً: ما هي المعرفة في النوعين؟ تصور الشيء.

إذاً: حصل في المعنى الأول تصور، وحصل في المعنى الثاني تصور. إذاً: هذا قدرٌ مشترك.

(تصور الشيء الذي هو قدرٌ مشترك بين ما كان عن جهلٍ) وهو المعنى الأول (أو غفلة).

(عن جهلٍ أو غفلة) ولا فرق من حيث الجهل والغفلة فيما يترتب عليهما من أحكام.

(الثاني) الاعتراض الثاني (أن قوله: ما يستلزم معرفتُه معرفتَه يقتضي أن مجرّد تصور المعرِّف يكفي في تصور الحقيقة، وليس كذلك.

بل السبب مجموعُ أمرين: التصور المذكور، وحملُ المعرِّف على الحقيقة).

يعني: لا بد أن يكون عندنا محكوم ومحكوم عليه، ما الإنسان؟ تقول: حيوانٌ ناطق الجواب. حيوان ناطق هذا لا بد أن تجعله محمولاً، أين الموضوع؟ الإنسان.

إذاً: لا بد من ربط، أما التصور المفرد هذا لا يكفي، لكن هذا معلوم، هذا لا يحتاج إلى تنصيص.

قال: (أن قوله: ما يستلزم معرفتُه معرفتَه يقتضي أن مجرَّد تصور المعرِّف يكفي في تصور الحقيقة، وليس كذلك.

بل السبب مجموع أمرين: التصور المذكور، وحملُ المعرِّف على الحقيقة، ولذا قال في التهذيب: معرِّف الشيء ما يقال عليه).

الحيوان والإنسان معرِّف الإنسان، ما يُحمل عليه .. على من؟ على الإنسان.

(معرِّف الشيء) يعني: كمعرِّف الإنسان حيوان ناطق (ما يقال عليه) يعني: ما يُحمل عليه، لا بد من هذه النسبة.

وأما تصور المفردات هذا لا يكفي.

قال: (ما يقال عليه لإفادة تصوره.

وقد يجاب) يعني: عن هذا الاعتراض، أن ظاهره لا يستلزم الحمل لا.

نقول: (يجاب عن هذا بأنه: لما كان أمر الحمل شهيراً لم يتعرض له) هذا لا بد منه. يعني: أمر أشبه ما يكون بأنه فطري لا يحتاج إلى تنصيص؛ لأنه يسأل: ما الإنسان؟ تقول له: حيوان ناطق.

إذاً: يُدرِك العقل ببداهة النظر أن الجواب هذا واقعٌ على المسئول عنه، فيكفي هذا.

ولذلك قال: (بأنه: لما كان أمر الحمل شهيراً لم يتعرض له؛ إذ المعرِّف لا بد وأن يُحمل على المعرَّف، وبه يندفع الاعتراض.

قال القطب: معرِّف الشيء ما يكون تصوره سبباً لتصور الشيء).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015