فالمفهوم: الذي اعتُبر في حد الجنس والنوع والخاصة هو عينُه الحقيقة، ليس عندنا مفهوم وعندنا حقيقة مغايرة، بل المفهوم هو عينُه، وإنما هي أمور اعتبارية اعتبرها المناطقة.
(أمورٌ اعتبارية حُصِّلت) يعني: اعتُبرت.
(مفهوماتُها) يعني: ماهيّاتٌ هي الكُلِّيّات -كما قال المحشّي هنا بإضافته للبيان- (ووضعت أسماؤها) الجنس والنوع .. إلى آخره (بإزائها) يعني: مقابل تلك المفهومات المحصَّلة.
(فليس لها) يعني: أسماء الكُلِّيّات.
(معان غيرُ تلك المفهومات، فتكون هي حدوداً) وهذا هو الصحيح أنها حدود، وإلا ليس عندنا ماهيّة إلا كونُها تقال على كثيرين.
قال هنا: (حُصِّلت مفهوماتُها).
قال العطار: يعني: أن الواضع حصَّل مفهوماتِها ثم وضَعَ الأسماء بإزائها.
على ما قيل في لفظ السماء وزيد .. إلى آخره، والمعنى واحد.
كما تقول: زيدٌ وضع لمسماه الذات المشخَّصة، هنا الجنس وضع لمسماه وهو مقُول على كثيرين لا فرق بينهما.
فلم يوضَع لشيءٍ ثُم ثَم شيءٌ آخر وراء ذلك وهو حقيقة لا، ليس هذا مراداً.
(فتكون هي حدوداً على أن عدم العِلم) هذا إشارة إلى اعتراضٍ آخر ..
إشارة إلى اعتراضٍ آخر هو: أن عدم العلم بأنها حدود لا ينتج الرسمية، وإنما يُنتج العلم بعدم الحدِّية.
(على أن عدم العلم بأنها حدٌ لا يوجب العلم بأنها رسوم، فكان المناسب ذكرُ التعريف الذي هو أعم).
يعني: يقول: ويُعرَّف بكذا، ولو قال: يُحدُّ لكان أدَق؛ لأن البحث هل هو حدٌ أو رسمٌ؟ والتعريف هذا يعُم الحد والرسم، فحينئذٍ رجعنا إلى البداية، فقوله: (فكان المناسب ذكرُ التعريف الذي هو أعم) هذا إذا أراد أن يسلَم من الاعتراض، فلا يُدرَى هل قوله: يُعرَّف بكذا هل هو حدٌ أو رسمٌ؟ لكن إذا صحَّحنا أنه حدٌ فالأصل أن يقال: يُحدُّ بكذا.
قال: (واعلم أن غرَض المنْطِقي) يعني: مقصودُه.
والمنطقي أي: بوضعِ علم المنْطِق وتدوينه.
(معرفةُ ما يوصِل إلى التصور) المجهول أو المعلوم؟ المجهول، لو قيَّده كان أجود.
(معرفةُ ما يوصل إلى التصور وهو: الْقَوْلُ الشَّارِحُ).
(ما يُوصل) يعني: الذي يوصلُ (إلى التصور وهو: الْقَوْلُ الشَّارِحُ).
(أو إلى التصديق) يعني: التصديق المجهول يعني: ما يوصل إلى التصديق المجهول (وهو الحُجة).
(ولكلٍ منهما) يعني: القول الشارح، والحجة.
(مقدَّمةٌ) أي: شيءٌ يتقدَّم عليه تمهيدٌ له، ومقدِّمة القول الشارح الكُلِّيّات الخمس، تسمى مبادئ .. تصورات.
ومقاصد التصورات هي المعرِّفات .. القول الشارح.
ومقدمة الحُجة القضايا، الحجة يعنُون به القياس، وبعضهم يقول: البرهان .. مقدمتُها القضايا.
ولذلك حُصِر فن المنْطِق في هذه الأبحاث الأربعة: باب الكُلِّيّات الخمس وما يتعلق بها من مقدماتها؛ لأنها مبادئ تصوُّرات، ثم يتلوها باب المعرِّفات لأنها مقاصد التصورات.
هذان بابان يتعلقان بالقسم الذي هو علم تصوُّر، ثم القسم الثاني علم تصديق له مبادئ وهي القضايا، وأنواعها وما يتعلق بها: التناقض والقياس .. إلى آخره.
ثم المقاصد "مقاصد التصديقات" وهي الحجة.
فهي أربعة أبواب؛ لأن العِلم محصورٌ في تصدِيق أو تصوُّر، وكلٌ منهما له مبادئ وله مقاصد.