فإن كان الأول -أن لا يزاد على (أَيُ شَيْءٍ هُوَ) - فالجواب: ما يميِّز المسئولَ عنه مطلقاً فصلاً قريباً أو بعيداً أو خاصة .. يجاب بالفصل أو الخاصة.

وإن كان الثاني - (أَيُ شَيْءٍ هُوَ فِي ذَاتِهِ) - فالجواب بالفصل وحدَه.

وإن كان الثالث -الذي هو: أي شيءٍ في عرضه- فالجواب: الخاصة وحدها.

فقول المصنف: (فِي ذَاتِهِ) لبيان أن السؤال عن الفصل الذي الكلام فيه يُقيَّد به؛ لأنه قال: (فِي ذَاتِهِ) إذاً: السؤال هنا عن أي شيء؟ عن الفصل.

قال هنا: (فِي جَوَابِ أَيُ شَيْءٍ هُوَ فِي ذَاتِهِ) فسّره المصنف بقوله: (أي: في جوهره).

والجوهر المراد به هنا الحقيقة، في جوهره أي: ذاتِه .. أي: حقيقته .. أي ماهيته.

(وَهُوَ الَّذِي يُمَيِّزُ الشَّيْءَ) ولو في الجملة.

(عمَّا يُشَارِكُهُ فِي الجْنْسِ) ولو بعيداً.

(كَالنَّاطِقِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإنْسَانِ، وَهُوَ) أي: المقول في جواب ذلك (الْفَصْلُ).

(وذلك لأنه إذا سُئل عن الإنسان بأي شيءٍ هو في ذاته كان الناطق جواباً عنه؛ لأنه يميِّزه عما يشاركه في الجنس) كالفرس والحمار ونحوها.

إذاً: (وَإِمَّا غَيْرُ مَقُولٍ فِي جَوَابِ مَا هُوَ بَلْ مَقُولٌ فِي جَوَابِ أَيُ شَيْءٍ هُوَ فِي ذَاتِهِ) أي: حقيقيتِه، أي: جوهرِه، أي: ماهيتِه.

(وَهُوَ) أي: هذا المذكور.

(الَّذِي يُمَيِّزُ الشَّيْءَ) ولو في الجملة.

إشارة إلى أنه لا فرق في المميِّز الذاتي بين كونه مميِّزاً للشيء عن جميع ما عداه كالناطق للإنسان، أو عن بعض من عداه كالحسَّاس والنامي له، فالحساس يميّزه عن النبات ولا يميّزه عن الحيوان، والنامي ميَّزَه عن مطلق الجسم ولم يميّزه عن النبات.

يعني: قد يُلحظ فيه من جهة دون جهة، فيكون باعتبارٍ هو مميِّز، وباعتبارٍ آخر غير مميِّز.

قال هنا: (ولو في الجملة) يعني: في بعض الأحوال.

إذا قيل: في الجملة .. بالجملة. فرقٌ بينهما.

بالجملة يعني: في جميع الصور.

في الجملة يعني: في بعضها.

(عمَّا يُشَاركُهُ فِي الجْنْسِ) (ولو بعيداً).

(كَالنَّاطِقِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإنْسَانِ) (فإنه مميّزٌ له عما يشارِكه) يشارك ماذا؟

يشارك الإنسان أو جنس الإنسان؟ الجنس؛ لأن الإنسان يشاركه غيرُه تحت جنسه وهو الحيوان، الحيوان جنس تحتَه أنواع: الإنسان، والفرس، والبغل.

ما الذي يميِّز الإنسان عما شارَكه تحت جنسه؟ الفصل، وأما الحيوان فهو قدرٌ مشترَك.

ولذلك لا يصح التعريف، لو أراد حداً: ما الإنسان؟ قال: حيوانٌ. لا يصح، هل هو جامع؟ نعم جامِع لكنه غير مانع.

هو جامعٌ قطعاً لا يخرُج عنه فردٌ من أفراد الإنسان، لكنه غيرُ مانعٍ من دخول غير الإنسان فيه فدخل الفرس، فكيف يقال: الإنسان هو الحيوان؟ نقول: هذا التعريف فاسد؛ لأنه يُشترط في التعريف أن يكون جامعاً مانعاً، يجمع جميع الأفراد وتحقَّقَ الشرط هنا، فلا يخرج فرد من أفراد الإنسان، لكن هل هو مانع؟ الجواب: لا؛ لأنه لا يمنع غيرَه.

قال هنا: (كَالنَّاطِقِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإنْسَانِ، وَهُوَ) (أي: المقولُ في جواب ذلك) (الْفَصْلُ).

(وذلك) تعليلٌ لما سبق (لأنه إذا سُئل عن الإنسان: بأي شيءٍ هو في ذاته؟) جاء السؤال هكذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015