وأجاب عما ذكَره السيد بأنه يجوز حمله على جزئيٍ مغايرٍ له بحسب الاعتبار).
هذا إشكال، جزئيٌ على جزئي، ثُم يعتبِر أن هذا الجزئي مغايرٌ للجزئي يعني: بين المحمول والمحمول عليه. قلت لكم: الاعتبار هذا أمرٌ ذهني، فاعتبر ما شئت، لكن العبرة بالأذهان وما يوافقها في الخارج. هذا الذي يُعتمَد.
قال: (بأنه يجوز حملُه على جزئيٍ مغايرٍ له بحسب الاعتبار، مُتحدٍ معه بحسب الذات كما في: هذا الكاتبُ، وهذا الضاحكُ. فإنهما مختلفان بحسب المفهوم ومتحدان بحسب الذات؛ فإن ذاتَهما زيدٌ بعينه مثلاً وكذا يجوز حملُه على كُلّيٍ انحصَر في جُزْئِيِّهِ كما في قولِ: بعضُ الإنسان زيدٌ .. ) إلى آخره.
على كلٍ هذا قِلّة ممن قال به، أنه يُحمل الجزئي، والمشهور أنه لا يُحمَل إلا الكلِّي.
قال رحمه الله تعالى: (والجنسُ أربعةُ أقسام) بعد أن بيَّن لنا حدَّه أراد أن يبيّن لنا أقسامَه.
قال: (أربعة أقسام) لأنه إما أن يكون فوقَه وتحتَه جنس، هذا الأصل.
إما أن يكون فوقَه وتحته جنس.
أو لا يكون فوقَه ولا تحته جنس.
أو يكون تحته ولا يكون فوقَه جنس.
وبالعكس.
أربعة أقسام .. عقلية يعني: الحصر هنا عقلي.
(والجنسُ أربعة أقسامٍ: عالٍ) ما إعرابُ عالٍ؟ بدل.
(والجنس) مبتدأ مرفوع.
(أربعة) هذا خبر مرفوع، وهو مضاف و (أقسامٍ) مضاف إليه.
(عالٍ) هذه كَسْرة، هل يختلف لو جعلناه بدلاً من أربعة أو من أقسام في النطق؟
في النطق لا يختلِف.
في النطق لا يختلف نعم، هو هذا المراد.
سواءٌ جعلته من أربعة أو من أقسام لا يختلِف، لماذا؟ لأنه "عالٍ" في الرفع وفي الخفض حُذِفَت ياءُه؛ لأنه منقوص والمنقوصُ إذا نوِّن حُذفت ياءُه لأنه نكرة.
(عالٍ) سواء كان مرفوعاً أو مخفوضاً النُّطقُ واحد، وإنما يختلِف في النصب فقط.
(عالٍ) أي: ويسمى بعيداً.
وَنَوِّنِ المُنَكَّرَ المَنقُوصَا
تَقُولُ هَذَا مُشْتَرٍ مُخَادِعُ ... فِي رَفعِهِ وَجَرِّهِ خُصُوصَا
وَافْزَعْ إِلى حَامٍ حِمَاهُ مَانِعُ
ج
(ويسمى بعيداً وجنسَ الأجناس أيضاً) يعني: العالي يسمى جنساً بعيداً وجنس الأجناس أيضاً.
قال: (عالٍ وهو الذي تحتَه جنس وليس فوقَه جنس) أعلى الأجناس.
تحتَه جنس بل أجناس، وفوقَه؟ ليس فوقه جنس، هذا مختلف فيه موجود أو لا، لكن المراد التقسيم عقلي فقط.
قال: (كالجوهر على القول بجنسِيته) ليس على القول بجنسِيته .. هو جِنس، لكن على القول بأنه جنسُ الأجناس، وإلا هو جنسٌ قطعاً الجوهر.
(على القول بجنسيته) ظاهر كلامه أنه قد قيل بأنه ليس بجنس، لا ليس هذا المراد.
قال العطار: أي: بكونه جنساً عالياً، "أو" أي: بكونه جنساً للجسم والعقل المطلق، لا أنه عرَضٌ عام خارجٌ عن حقيقتهما.
قال العطار: واعلم أن للحُكماء في تحقيق الأجناس العاليةِ اضطراباً. كثيراً اضطربوا.
لماذا اضطربوا؟ لأن الكلام هنا في عقليات، وكل واحد له عقلٌ، وكل واحدٍ مُعجَبٌ بعقله، فما يراه يظن أنه هو الصواب، هذا يقول: الأجناس العالية اثنين، وهذا يقول: ثلاثة، وأوصلها: عشرة ..
يجتمع كثير على قولٍ، وكلها أشياء ذهنية، والغالب فيها أنها لا تُسمِن ولا تغني من جوع.