ولذلك قال: (لأنه ليس ماهيّة لما هو عرضٌ له حتى يقال في جواب ما هو) وإنما يقع في جواب ما هو ما كان في الماهيّة الذي هو الجنس والنوع، والعرَض العام ليس من الماهيّة فلا يقع في جواب ما هو.
(ولا مميزاً له حتى يقال: في جواب أيُّ شيءٍ هو) إذاً: كأنه يقول -على ما ذكره الشيخ الأمين-: أن الأسئلة محصورة في نوعين.
(مَا هُوَ) أيُّ شيءٍ هو، (مَا هُوَ) يُسأل عن الذاتيات ويجاب بالذاتيات، والعرض العام ليس منها إذاً: انتفى السؤال عنه (مَا هُوَ).
طيب "أي شيءٍ هو" هذا مميِّز، الفصلُ والخاصة. إذاً: هو ليس مميزاً، لا نستفيد منه شيء، إذاً انتفى عنه.
إذا انتفى عن هذا وذاك إذاً: لا يُسأل عنه. هذا مرادُه (حتى يقال في جواب أيُّ شيءٍ هو).
قال: (وأما الجزئي فلم يدخل في الكلِّي حتى يُحتاج إلى إخراجه بمقولٍ على كثيرين كما زعَمه جماعة).
يعني: (مَقُولٌ عَلَى كَثِيرِينَ) هل شمِل الجزئي؟ هذا محل خلاف، ولذلك قال: (كما زعمه جماعة) يعني: بعضهُم يرى أن الجزئي يمكن أن يقال على كثيرين.
ومنهم من قال: لا. المشهور هو ما ذكره هذا، وإلا قلنا في ضابط الكلِّي ما هو؟ أن يُحمَل حملَ مواطئة، إذاً: الجزئي لا يُحمل، وما ذكرناه من أنواع الجزئي: العلم الشخصي، والعلم الجنسي، وأل، والضمير .. هذه خاصة، لا تُستعمل إلا خاصة فكيف يُحمَل على غيره؟ وهذا فيه شيءٌ من التكلُّف.
ولذلك من قال بأنه يُحمل جعل له اعتبار، وإذا جعل له اعتبار هذا الباب مفتوح يعني: أي شيء تجعل له اعتبار آخر يعني: اعتبار ذهني، هو باعتبار كذا يُحمل، وباعتبار كذا لا يُحمل، كما قيل في الفعل: كُلّيٌ باعتبار الحدث، جزئيٌ باعتبار النَّسبة.
إذاً: باعتبار النسبة هذه لا إشكال فيها.
إذاً: (وأما الجزئي فلم يدخل في الكلِّي حتى يُحتاج إلى إخراجه بمقولٍ على كثيرين كما زعمه جماعة).
قال العطار: وأما الجزئي فلم يدخل في الكلِّي .. إلى آخره.
أي: لو فُرِض دخوله في الكلِّي خرج بقوله: (مَقُولٌ) بناءً على أنه الجزئي لا يُحمل.
على كلامه قوله: الكلِّي، وهذا على كلام العطّار.
كُلّي هل شمل الجزئي؟ هو لا يتأتى أن يدخل فيه الجزئي، لكن نقول: لو فُرض، لو هذه بابٌ واسع .. لو فُرض "عقلاً وجداً" دخوله في الكلِّي خرج بقوله: (مَقُولٌ) بناءً على أن الجزئي لا يُحمل، وإنما الذي يُحمل الكُلِّيّات.
وهذا القول هو المشهور عند المناطقة: أن الذي يُحمل هو الكلِّي.
ولذلك هذا مما قد يُجعل أنه ضابط يعني: في المعنى الكلِّي وفي حملِه حملَ مواطئة، وفي كونه إذا وقع بالفعل، الأول قلنا ولو بالقوة .. مقول على كثير بالقوة، لكن لو وقع بالفعل أنه محمولٌ تحكُم عليه بأنه كُلّي؛ لأنه لا يُحمل إلا الكُلِّيّات.
قال: (على أن الجزئي لا يُحمل، وهو مختار السيد الشريف معلِّلاً له: بأن حمْلَه على نفسه لا يُتصور قطعاً؛ إذْ لا بد في الحمل الذي هو النسبة من أمرين متغايرَين، وحملُه على غيره ممتنع.
واختار الدَّواني صحةَ حملِ الجزئي.
فقال في التعريف -يعني: في الشرح-: (المقول -أي: المحمول- وهو شاملٌ للكلي والجزئي؛ فإن الحمل يجري فيهما معاً على الصحيح -يعني: في الجزئي والكل- على ما صرّح به الفارابي والشيخ في الشفا.