قال: (لأن المتأخر لا يُغني عن المتقدم) لكن عندنا تعاريف، فلا بد أن يكون التعريف منضبط بمعنى أنه إذا تأمله لا بد أن يكون عندنا جنس وعندنا فصل، هذا إدخال وهذا إخراج. فكيف نقول: يذكُر قيداً أولاً ثم يذكر قيداً ثاني بمعناه، ثم نقول: لا يُعترض على الأول بالثاني؟ هذا فيه نظر.

(ورُدَّ بأن المتأخر لا يُغني عن المتقدم لوقوعه في مركَزه "محله" لأن فيه الاعتراض باللاحق على السابق وهو غير مرضيٍ؛ لأن السابق وقع في مركزه).

هذا يمكن أن يقال: إن سُلِّم -اعتذاراً عن أهل العلم- إن قيل في غير التعاريف، وأما في التعاريف فلا، يعتبر تَكراراً ولا إشكال فيه.

قال: (وبأنه -الجواب الثاني- محتاجٌ إليه ليُجري الوصف عليه).

(مَقُولٌ عَلَى كَثِيرِينَ).

(مُخْتَلفِين) هذا الوصف، لكن إذا كان سيعرِّف الجنس بأنه مَقُولٌ عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلفِين في الحقائق، حذَفَ لفظ كُلّي.

إما هذا وإما ذاك، إذا كان يُذكَر مَقُول عَلَى كَثِيرِينَ من أجل الوصف تمهيداً له؛ ليتعلق به لا إشكال فيه، لكن يُحذف لفظ كُلّي. على كلٍ الخطْب سهل.

قال: (بِأَنَّهُ كُلِّىٌّ) يعني: الجنس كُلّي، ولا شك أنه كُلّي.

فقوله: (كُلِّىٌّ) دخل فيه سائر الكُلِّيّات، انظر عاملوه معاملة الجنس، أنه تعريف ولا بد أن يكون الجنس مشتملاً على سائر الأقسام؛ لأن القسمة خماسية هنا، فلا بد أن يَدخل جميع الأقسام.

(دخل فيه سائرُ) أي: جميع، لا بقية، لأن سائر تأتي بمعنى البقية وتأتي بمعنى الجميع.

(دخل فيه سائر الكُلِّيّات) يعني: الخمسة.

(مَقُولٌ عَلَى كَثِيرِينَ).

(مَقُولٌ) أي: محمولٌ حملَ مواطئَة، والمرادُ: صالِحٌ لأن يقال ويُحمَل، لا أنه مقولٌ بالفعل.

إذا قيل: هذا مَقُولٌ عَلَى كَثِيرِينَ. لا بد أنك تأتي وفي كلِّ كلي تقول: زيدٌ إنسانٌ، وبكرٌ إنسان. تأتي بالفعل، أم يكفي بالقوة؟

الوصفُ -وصفُ الشيء- هذا سيأتي معنا كثيراً، قد يكون بالفعل وقد يكون بالقوة.

فالضاحك -كما سيأتي في أمثلته- قد يكون ضاحكاً بالفعل يعني: يضحك، إن قلنا: الضحك هو المراد به هذا، وبعضهم يحمِلُه على معنى آخر وسيأتي.

إن قلنا: بالقوة يعني: هو عنده قابلية لأن يضحك، لكن هو الآن ليس بضاحك.

أنت الآن ماشي؛ لأنك صالح لأن تمشي، أنت الآن مستلقي، يعني: الخبر هذا إذا قيل: أنت الآن تمشي، أو أنت الآن ماشي .. اسم فاعل، هذا ما تستطيع أن تكذِّبه وتقول: كذِب، لا. ماذا تعني؟

هل تعني بالفعل؟ فكذِب هذا، تعني بالقوة؟ فحينئذٍ لا إشكال فيه، هذا صحيح.

فكلُّ وصفٍ بالفعل بالوجود بالحصول بالثبوت يعني: ثابتٌ، بالقوة يعني: يمكن أن يفعلَه لكنه غير موجود الآن.

فكلُّ وصفٍ يتعلق بالإنسان مِن ضحكِ، أو بكاء، أو نوم، أو آكل، أو شارب. أنت الآن تأكل لكن بالقوة، يعني: مآلك أنك تذهب وتأكل، أنت تشرب قد يشرب بالفعل نقول: هذا شاربٌ بالفعل، لكن بالقوة إذا تَرَك .. وهكذا.

حينئذٍ قولُه: (لأن يقال ويُحمَل، لا أنه مقولٌ بالفِعْل) يعني: نقول: الكلِّي من ضوابطه أنه مقولٌ على كثيرين بأن يُحمَل حمل مواطئة يعني: بالقوة، يعني: يكون صالحاً وجاهزاً لأن يُحمل على أفراده.

ولا يلزم من ذلك أنك تأتي وتُلزِم أفرادَه بالخبرية به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015