"الذي" ما قيَّدته، "الذي جاء أبوه" قيّدته، قبل التقييد "الذي" صالحٌ لكل شيء.
إذاً: هذا معنى الكلِّي، يعني: العقل لا يمنع أن نقول: جاء الذي مات أبوه، جاء الذي قام أبوه، جاء الذي سافر أخوه. ممكن.
إذاً: له أفراد فيُقيَّد بها؛ لأن الموصول يُعرَّف بصلته، حينئذٍ نقول: قبل الاستعمال قد يقال بأنها كُلّيّة، لكن إذا قيل: جاء الذي ضربتُه تعيّن هنا؛ لأن معناه جاء الشخص المعهود الذي أوقعتُ الضرب عليه، هذا صار جزئياً.
فالنظر هنا .. الخلاف ليس بخلافٍ له ثمرة "والله أعلم" هل هي جزئيات أم كُلِّيّات؟ لكن الموصولات باعتبار اللفظ العام هناك لها بحثُها عند الأصوليين.
قال: (على تحقيق السيد تبعاً للعضد من أنها موضوعة للجزئيات المستحضرة بملاحظة كُلّيٍ يعمها.
وأما المعرَّف بغير أل التي للعهد فكليٌ بأل التي ليست للعهد).
ومراده المعرَّف بغير أل التي للعهد المعرَّف بلام الاستغراق -هي من صيغ العموم-، والمعرّف بلام الحقيقة، والمعرّف بأل التي للعهد الذهني. هذه ثلاثة حكَم عليها بأنها كُلِّيّات؛ لأنه قال: (وأما المعرَّف بغير أل العهدية) أما أل العهدية فهي جزئي.
المعرَّف بغير أل العهدية ذكَر العطار ثلاثة أنواع:
أولاً: الاستغراقية.
ثانياً: المعرَّف بلام الحقيقة.
استغراق فحينئذٍ تكون كُلّيّة.
والمعرَّف بلام الحقيقة "الرجل خيرٌ من المرأة" الرجل يصدق على زيد، عمرو .. إلى آخره، وإن قُصِد حقيقته.
الثالث: المعرَّف بأل التي للعهد الذهني. يعني: يصدق على الكل، إلا إذا كان ثم معهودٌ .. إذا كان ثم معهود فحينئذٍ تكون عهدية "اذهب إلى السوق" فحينئذٍ هذا صار معرَّفاً، لكن أل هنا وإن كانت للذهن إلا أنها منصرفة إلى المعهود. أيَّ سوق؟ الذي تعرِفه أنت .. وهكذا.
قال هنا: (وأما المعرَّف بغير أل التي للعهد فكليٌ. كاسم الجنس) هذا كأسد اسم الجنس (والنكرة رجل وأُنثى وإنسان، وعَلم الجنس كأسامة. لوضع الطرفين للحقيقة).
(لوضع الطرفين) أي طرفين؟ اسم الجنس وعلم الجنس، والنكرة وسطٌ.
(لوضع الطرفين للحقيقة من حيث تعيُّنها في علم الجنس دون اسمه، والنكرة للفرد المنتشر).
إذاً الخلاصة: فيما يُحكَم عليه بأنه جزئيٌ نقول: يُنظر إلى المعنى، وأما الاستعمال فلا يكاد أن يكون هذه المذكورات إلا وهي مستعملة في الجزئيات، إلا ما استثناه من أل وما تدل عليه الموصولات من العموم.
قال هنا: (جزئياتٌ وضعاً واستعمالاً، وعلى ما ذهب إليه السعد تبعاً للمتقدمين: هي كُلِّيّات وضعاً، جزئيات استعمالاً).
يعني: عكْس ما ذهب إليه العضُد (جزئيات وضعاً واستعمالاً) ليس عكس، بل هو وافقه في الاستعمال، وخالفه في الوضع.
والشُّبْهة أو العِلَّة: لصلاحيته لكل شيء، فحينئذٍ هذا معنًى كُلّي، هل تقول: هو جزئي لأنه لا يُستعمل إلا في جزئي، وهذه الصلاحية ليست مراداً؟ يحتمل هذا وذاك.
قال هنا: (وقدَّم الكلِّي على الجزئي؛ لأن قيوده -أي: الكلِّي- عدمية).
قيود .. ليس عندي إلا قيد واحد: ما لا يمنع، ولذلك قال هنا: لأن قيوده "أي: الكلِّي" أي جنسُها الصادق بواحدٍ وهو المراد.
قال العطار: أراد بالقيود مطلق النفي في قوله: (لا يمنع .. ) إلى آخره.