(هذا الاسم للمسمى) إذاً: المسمى محدود معيّن لا يشاركه غيره، فإذا أُطلق الاسم حينئذٍ انصرف إلى هذا الشخص دون غيره، إذا جوَّزت صدقه على آخرين حينئذٍ اتحدت الذوات؛ لأن المسمى -مسمى زيد- شيءٌ واحد، وهذا باطلٌ ولا وجود له البتة.
إذاً: (بمعنى: أن الجزئي إذا تُصوِّر معناه وحصلت صورتُه في العقل، فإن تلك الصورةَ الحاصلةَ في العقل لا يصح فرض صِدقِها على كثيرين، فإنه يحصل مِن تعقُّل كل واحدٍ من الجزئيات صورةٌ مغايرة للصورة المتعلقة من جزء آخر).
(كَزَيْدٍ) مثال (عَلَمًا) وهل هذا احتراز عَلماً؟ زيد: زاد يزيد زَيْداً، مصدر وإذا كان مصدر فهو كُلّي، ولذلك قال: (كَزَيْدٍ عَلَمًا) احترازاً من زيدٍ مصدراً، فإنه كُلّيٌ مثل عِلم، عِلم هذا مصدر وهو كُلّي، ضَرْب هذا مصدر وهو كُلّي.
إذاً: (كَزَيْدٍ) أي: كمثال زيد، أو وذلك كزيد يعني: جعْلُه خبراً لمبتدأ محذوف: وذلك كزيدٍ، والكاف هذه تمثيلية لا استقصائية، ما الفرق بين الاستقصائية والتمثيلية؟ من اسمها.
مثال، والمثال ليس محصوراً فيما ذُكر، والاستقصائية ما بعدها محصور، ولذلك قد يقال: بأن الخليلين -بالنسبة للباري جل وعلا- كإبراهيم ومحمد، الكاف هذه تمثيلية؟ إذا قلت: تمثيلية معناه: ثَم من هو خليلٌ للباري جل وعلا غير هذين، وإذا قلت: استقصائية بمعنى أنه لا يوجد إلا هذين.
فحينئذٍ تقول: الخليلان كإبراهيم ومحمد. الكاف هذه استقصائية.
أفضلُ الرسل على الإطلاق كمحمدٍ. يصح التعبير لا إشكال فيه.
فحينئذٍ "كمحمدٍ" لو قلنا: مثلَ محمدٍ الكاف تمثيلية، فحينئذٍ وقعنا في غلط وهو: أن ثَم مساوٍ للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا ليس بصحيح، فحينئذٍ تكون الكاف هنا استقصائية.
إذا كان ما بعدها محصوراً ولا يوجد مثال إلا المذكور فهي استقصائية، وإن كان ثم مثال آخر فهي تمثيلية.
هنا تمثيلية أو استقصائية؟ تمثيلية.
(كَزَيْدٍ عَلَمًا) قال: (لا مصدر لِزَاد فهو كُلّيٌ).
(فإن مفهومَه من حيث وضعُه له إذا تُصوِّر منَع ذلك).
(فإن مفهومه) أي: مفهوم لفظ زيد علماً، ومراد الشارح بمفهوم زيد حال كونه عَلماً، وهو ليس إلا الذات المشخَّصة. وهو كذلك.
فالمحدَّث عنه هو زيدٌ العلَم، وإضافة مفهوم للضمير (فإن مفهومه) إضافة مفهوم للضمير عهدية أي: مفهومه المعهود وهو الشخص.
يعني: ليس كونه ثلاثياً، أو مركباً من ثلاثة أحرف (ز، ي، د) وأنواع هذه الحروف، أو أنه على وزن فَعْل. ليس هذا المراد، إنما المراد من حيث المعنى ودلالتُه على شخصه وهو الذات المشخَّصة المعيَّنة المشاهَدة في الخارج. هذا المراد.
(فإن مفهومه) أي: ما يُعقل من اللفظ عند تصوره.
(من حيث) هذا تقييد.
(من حيث وضعُه) الضمير يعود إلى لفظ زيد.
(من حيث وضعه) يعني: وَضْع لفظ زيد.
(له) أي: لذلك المفهوم.
(إذا تُصوِّر) ذلك المعنى (منعَ ذلك) يعني: منعَ المشارَكة.
(ولا عبرة لما يعرِض له من اشتراكٍ لفظي) لأنك تقول: كم من زيد عندنا! كثير، فزيد وزيد وزيد، هل هذا كُلِّي؟ يصدُق على كثيرين.
هذا ويد، وهذا زيد، وهذا زيد. صدَق على كثيرين!
نقول: لا. المراد ما يمنع وقوع الشركة، ولذلك هناك في السلَّم قال: ما أفهم اشتراكاً الكُلّيٌ.