(فمتواطئ) يعني: فهو متواطئ. الفاء هذه واقعة في جواب الشرط، (متواطئ) هذا خبر مبتدأ محذوف لأنه لا يقع مفرد جملةَ الجواب، وإنما لا بد من جملة اسمية، تعلَّقت أو اتصلت الفاء هنا لكون الجواب جملة اسمية لا يصلح أن يكون بنفسه جواباً للشرط.
(إن استوى معناه في أفراده) يعني: أفرادُه في معناه.
(فمتواطئ) كالإنسان.
(وإن تفاوت فيها) أي: تفاوت الكلِّي في تلك الأفراد وفيه قلبٌ أيضاً.
وبيّن التفاوت هنا بالشدة والتقدم.
(وإن تفاوت فيها) يعني: تفاوت على كلامه.
(تفاوَت معناه فيها) يعني: في أفراده، والأصح أن يقال تفاوَت الأفراد في المعنى الكلِّي.
(بالشدة أو التقدم فمشكِّك) يعني: فهو مشككٌ.
ولا نقدِّر فيسمى، هو يصح لو قال: فمشكِّكاً يعني: فيسمى مشككاً، لكن رفَعَه حينئذٍ نبقى على الأصل.
إذاً: تفاوَت الأفراد في هذا المعنى بالشدة أو التقدم، سيذكر المثالين للشدة والتقدم.
(فمشكِّك) بصيغة اسم الفاعل.
سُمِّي بذلك لأنه يشكِّك الناظر فيه، فلا يدري أهو من المتواطئ نظراً لاتحاد الحقيقة، أم من المشترَك نظراً للاختلاف الذي بين الأفراد في الحق.
يعني: يبقى الناظر فيه متشككاً؛ لأنه بالتواطئ يعني: الاتفاق والتساوي في أصل المعنى، هذا يجعلُه من المتواطئ فيبقى في القسم السابق.
وكونه مختلفاً نوع اختلاف، حينئذٍ هل هو مثل عين يُطلق على الباصر والجاسوس فوقع فيه شك.
إما أن يُفهم منه أنه متواطئ للاستواء في الأصل، وإما أن ينظر إلى نوع الاختلاف الواقع فيه فيظن أن الحقائق مختلفة وإن كان اللفظ متحداً، فحينئذٍ صار من المشترَك اللفظي.
أو فمشككٌ قال: (كالبياض) مثَّل بالبياض.
(فإن معناه في الثلج أشد منه في العاج) هكذا البياض يختلف، البياض هذا معنًى كُلّي، حينئذٍ وجوده في أفراده يختلف شدةً وضعفاً.
فوجودُه في بعض المواضع قد يكون البياض في اللبن ليس كالبياض في الثوب، في اللبن أشد وفي الثوب أخف وهو أبيض وأبيض.
حينئذٍ الناظر إليه ينظر هذا الاختلاف يردِّده: هل هذا الاختلاف في الحقائق فهو مشترك أم أن الاختلاف هذا غير معتبر وإنما هو طارئ فيبقى على أصله وهو التواطؤ؟ يبقى متشككاً، لكن سينتهي إلى أنه إما هذا وإما ذاك، لكن يسمى مشكِّكاً.
قال: (كالبياض فإن معناه في الثلج أشد منه في العاج).
طبعاً البياض هذا مثالٌ للشدة قال: (فيها بالشدة أو التقدم) الشدة مثالُه البياض فإنه يختلف، هكذا الألوان تختلف.
أو النوع الثاني: (والوجود) هذا بالتقدُّم.
(فإن معناه في الواجب قَبلَه في الممكن، وأشد منه فيه)
(فإن معناه في الواجب) يعني: الواجب الوجود وهو الله عز وجل.
وكذلك هو في الممكِنات، حينئذٍ نقول: الإنسان موجود والباري جل وعلا موجود، الوجود واحد؟ في اللفظ والقدر المشترَك نعم .. في اللفظ وجود لا إشكال فيه، هذا موجود وهذا موجود تخبر عنه، الباري موجود والإنسان موجود، وكل مخلوقٍ خُلِق موجود.
حينئذٍ اللفظ واحد، والقدر المشترك هذا متَّحِد؛ لأن القدر المشترك مكانُه في الذهن لا في الوجود، إنما يتميَّز ويحصل التمايز بين النوعين بالإضافة.