وُجد له فرد ليس في الذهن، الذهن اتفقنا على أنه متعدد، وإنما الكلام في الخارج، الآن عندنا داخل وخارج، داخل يعني: في الذهن، هذا محل اتفاق، ما أفهم اشتراك اثنين فصاعداً .. له أفراد في الذهن.

لكن: هل في الخارج طابَق ما في الذهن أو لا؟ هذا البحث.

إذا قيل: أفراد آحاد يعني: باعتبار الخارج، فهل تطابقا أم لا؟ هذا محلُ الإيراد هنا.

لأنه قد يوجد كُلّي له أفراد ولا وجود له في الخارج، أين هو؟ في الذهن فقط، هذا مركزُه ومحله، أما في الخارج لا وجود له البتة.

إذاً: إذا قيل: أفراد آحاد فالمراد به في الخارج، هل تطابقا أم لا؟ هذا المراد.

ما وُجد له أفراد: كُلّي له أفراد، وما وُجد له فرد: كُلّيٌ له فرد -واحد يعني-، وما لم يوجد له فردٌ.

له أفراد .. له فردٌ .. لا فرد له. هذه ثلاثة.

(فقسَّم المتأخرون كل قسمٍ منها قسمين فصارت ستة، فقسَّموا ما له أفراد إلى ما لم تتناهى أفرادُه).

يعني: جاءوا للقسم الأول: ما له أفراد، فقالوا: الأفراد هذه قد تتناهى .. تنتهي .. تتقلص، وبعضُها لا، يبقى .. لا نهاية له، فقسَّموه إلى قسمين: ما له أفراد إلى ما لم تتناهى أفرادُه كشيء وموجود.

وإلى ما تناهت أفرادُه كحيوان وإنسان ورَجل. حيوان له أفراد لكن تتناهى، وكذلك إنسان له أفراد لكنها تتناهى، ورجل .. إلى آخره.

(وما له فردٌ إلى ما قام البرهان على امتناع غيرِه كإله) يعني: ما له إلا فردٌ واحد في الخارج، وهذا على نوعين: منه ما يمتنع وجودُ فردٍ آخر .. ماله فردٌ هذا على مرتبتين: له فرد يمتنع وجود فردٍ آخر .. دل العقل على امتناع وجود فردٍ آخر مثل: إله .. الإله الحق.

النوع الثاني: ما له فردٌ ولا يمنعُ العقل وجود فردٍ آخر كشمس، شمس هذا نكرة والعقل يقبل التعدُّد، لا يمنع العقل أن يكون شمسان، ثلاثة، أربعة .. إلى آخره، لكن في الخارج ما وُجد إلا شمس واحدة، أين الثانية؟ ما أراد الله. لو شاء الله لكان، فحصل تآلف بين الشمسين، لكن نقول: ما شاء الله.

فحينئذٍ هل يمنع العقلُ وجود شمسٍ ثانية؟ الجواب: لا.

إذاً: له فردٌ واحد وهو على قسمين: ما دل العقل على امتناع فردٍ آخر، وما جوَّز العقل وجود فردٍ آخر لكنه لم يوجَد.

قال: (إلى ما قام البرهان على امتناع غيره كإله، وإلى ما لم يقم البرهان على ذلك كشمس.

وما لم يوجد له فردٌ إلى ما استحال وجودُ فرده كجمع ضدين أو نقيضين، أو عدم وملكة.

وإلى ما يمكن وُجد فرده كبحرٍ من لبنٍ، وجبلٍ من سُكَّر).

قال هنا: (سواءٌ وُجدت أفرادُه في الخارج وتناهَتْ) هو سيذكرها على طريقة المتأخرين.

(سواءٌ وُجدت أفرادُه في الخارج وتناهت) أي: وقَفَت عند حدٍ وانحصَرَت في عددٍ معلوم، هذا المراد بالتناهي: أنها معلومة العدّ.

(كالكواكب) كالكواكب مثال غلط هذا، وإنما الأصل: ككوكبٍ، الكواكب هي الأفراد، لأن المثال يكون بالكلي لا بالأفراد، الكواكب جزئيات هذه، وإنما المثال الصحيح: ككوكب، كوكب هذا كُلّي لا يمنع العقل وقوع الشركة فيه.

ووُجِد في الخارج، وله أفراد متناهية، ولذلك قال: (كالكواكب) مثالٌ للأفراد لا للكل المتناهي الأفراد، فإن مثاله كوكب، والمراد بالكواكب السيارة وغيرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015